[٦٥١] (قَالَ فِيهِمَا خَبَثٌ) أَيْ قَالَ بَدَلُ قَوْلِهِ فِي نَعْلَيْهِ يَعْنِي قَالَ فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا (قَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خَبَثٌ) الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ إخبار جبريل أَنَّ فِيهِمَا خَبَثًا وَالثَّانِي فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخَبَثِ النَّجَاسَةُ أَوْ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَخْبَثٌ
[٦٥٢] (خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يصلون في نعالهم ولاخفافهم) هَذَا الْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَأَحَادِيثُ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ
وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ لِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَحَدِيثِ أَبِي هريرة الآتيين
وروى بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَعْلَيْهِ فَصَلَّى النَّاسُ فِي نِعَالِهِمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعُوا فَلَمَّا صَلَّى قَالَ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَلْيُصَلِّ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَخْلَعَ فَلْيَخْلَعْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهَذَا مُرْسَلٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
وَيُجْمَعُ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِجَعْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبَ وَمَا بَعْدَهُ صَارِفًا لِلْأَوَامِرِ الْمَذْكُورَةِ الْمُعَلَّلَةِ بِالْمُخَالَفَةِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْوُجُوبِ إِلَى النَّدْبِ لِأَنَّ التَّخْيِيرِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَى الْمِشْيَةِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَوَامِرِ لَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ كَمَا فِي حَدِيثِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَاهَا عِنْدِي
هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ
وَفِي الفتح قال بن بَطَّالٍ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ ثُمَّ هِيَ مِنَ الرُّخَصِ كما قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَا مِنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَعْنَى الْمَطْلُوبِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ إِنْ كَانَ مِنْ مَلَابِسِ الزِّينَةِ إِلَّا أَنَّ مُلَامَسَةَ الْأَرْضِ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا النَّجَاسَاتُ قَدْ تَقْصُرُ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ
وَإِذَا تَعَارَضَتْ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ التَّحْسِينِ وَمُرَاعَاةِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ قُدِّمَتِ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ وَالْأُخْرَى مِنْ بَابِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ قَالَ إِلَّا أَنْ يَرِدَ دَلِيلٌ بِإِلْحَاقِهِ بِمَا يَتَجَمَّلُ بِهِ فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ وَيُتْرَكُ هَذَا النَّظَرُ
قُلْتُ قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ فَيَكُونُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ