[٦٦٧] (رُصُّوا صُفُوفَكُمْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَعْنَاهُ ضُمُّوا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ رَصُّ الْبِنَاءِ
قال الله تعالى كأنهم بنيان مرصوص (وَقَارِبُوا بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ صَفٌّ آخَرُ قَالَهُ فِي المرقاة (وحاذروا بِالْأَعْنَاقِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ أَيِ اجْعَلُوا بَعْضَهَا فِي مُحَاذَاةِ بَعْضٍ أَيْ مُقَابَلَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ (مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ فُرْجَتِهِ أَوْ كَثْرَةَ تَبَاعُدِهَا عَنْ بَعْضٍ (كَأَنَّهَا الْحَذَفُ) قَالَ النَّوَوِيُّ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاءٍ وَاحِدَتُهَا حَذَفَةٌ مِثْلُ قَصَبٌ وَقَصَبَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْحَذَفُ غَنَمٌ صِغَارٌ سُودٌ وَيُقَالُ إِنَّهَا أَكْثَرُ مَا تَكُونُ بِالْيَمَنِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا
[٦٦٨] (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ قَالَ في النيل وقد استدل بن حَزْمٍ بِقَوْلِهِ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ عَلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ قَالَ لِأَنَّ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ وَنَازَعَ مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَبِلَالٍ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُمَا كَانَا يَضْرِبَانِ الْأَقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى هَذِهِ العبارة
وتمسك بن بَطَّالٍ بِظَاهِرِ لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ سُنَّةٌ قَالَ لِأَنَّ حُسْنَ الشَّيْءِ زِيَادَةٌ عَلَى تَمَامِهِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ رواية من تمام الصلاة
وأجاب بن دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَمَامُ الصَّلَاةِ الِاسْتِحْبَابُ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ فِي الْعُرْفِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ الَّتِي لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِهَا وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ عَلَى بَعْضِ مَا لَا تَتِمُّ الْحَقِيقَةُ إِلَّا بِهِ كَذَا قَالَ وَهَذَا الْأَخْذُ بَعِيدٌ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّارِعِ لَا يُحْمَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute