وَحَكَى فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ
قَالَ الْبُخَارِيُّ ولم يستئن الحسن أحدا
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْهُ فعله إلا بن مَسْعُودٍ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الكوفة
وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ ترك الرفع فيهما إلا بن القاسم والذي نأخذ به الرفع حديث بن عمر وهو الذي رواه بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ
وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصَحُّهُمَا وَلَمْ أَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهِ وَلَا متمسكا إلا بقول بن الْقَاسِمِ
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَوَّلُوا عَلَى رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ أنه صلى خلف بن عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأُجِيبُوا بِالطَّعْنِ فِي إِسْنَادِهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ رَاوِيهِ سَاءَ حِفْظُهُ بِأَخَرَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ ذَلِكَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ والعدد الكثير أولي من واحد لاسيما وَهُمْ مُثْبِتُونَ وَهُوَ نَافٍ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ وَاجِبًا فَفَعَلَهُ تَارَةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جزء رفع اليدين عن مالك أن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصا
واحتجوا أيضا بحديث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَدَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَالَ وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمًا عَلَى النَّافِي وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالطَّحَاوِيُّ إِنَّمَا نَصَبَ الْخِلَافَ مَعَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ كَالْأَوْزَاعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ
وذكر الحاكم وأبو القاسم بن مَنْدَهْ مِمَّنْ رَوَاهُ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَافِظُ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا
انْتَهَى (إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ) فِي هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَ التَّكْبِيِرِ وَالرَّفْعِ وَقَدْ وَرَدَ تَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكْسِهِ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ
فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُقَارَنَةُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ وَقَضِيَّةُ الْمَعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ
وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّ الرَّفْعَ نَفْيُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ وَالنَّفْيُ سابق على