أَيْ يَثْنِيهَا وَيُلِينُهَا فَيُوَجِّهُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ
وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ يُلِينُهَا فَيَنْصِبُهَا وَيُغْمِضُ مَوْضِعَ الْمَفَاصِلِ وَيَثْنِيهَا إِلَى بَاطِنِ الرِّجْلِ (ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَا تَشَهُّدَ فِيهَا وَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مَبْسُوطًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وفيه أيضا أنه قعد قعدة بعد ما رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِيَامِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يَقْعُدْهَا وَرَوَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ (أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ أَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَيْمَنِ (وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ مُفْضِيًا بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ غَيْرَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عَطَّافَ بْنَ خَالِدٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا رَجُل أَنَّهُ وَجَدَ عَشَرَة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي عَاصِمٍ وَعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ مَدَنِيّ لَيْسَ بِدُونِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ حَكَى أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحْمَدهُ قَالَ وَذَلِكَ لَا يَضُرّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْر مُفَسَّر مِنْ مَالِكٍ بِأَمْرٍ يَجِبُ لِأَجْلِهِ تَرْك رِوَايَته
قَالَ وَقَدْ اِعْتَرَضَ الطَّبَرَانِيُّ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَم تَفْسِير الْجَرْح بِأَمْرٍ آخَر لَا يَرَاهُ صَوَابًا وَهُوَ أَنْ قَالَ وَحَتَّى لَوْ كَانَ مَالِكٌ قَدْ فَسَّرَ لَمْ يَجِب أَنْ يَتْرُك بِتَجْرِيحِهِ رِوَايَة عَطَّافٍ حَتَّى يَكُون مَعَهُ مُجَرِّح آخَر قَالَ بن الْقَطَّانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرَهُ صَوَابًا لِوَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّ هَذَا الْمَذْهَب لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ إِذَا جُرِحَ وَاحِد بِمَا هُوَ جَرْحه قَبْل
فَإِنَّهُ نَقْل مِنْهُ لِحَالٍ سَيِّئَة تَسْقُط بِهَا الْعَدَالَة وَلَا يُحْتَاج فِي النَّقْل إِلَى تَعَدُّد الرُّوَاة
والوجه الثاني أن بن مَهْدِيٍّ أَيْضًا لَمْ يَرْضَ عَطَّافًا لَكِنْ لَمْ يُفَسِّر بِمَاذَا لَمْ يَرْضَهُ فَلَوْ قَبِلْنَا قَوْله فِيهِ قَلَّدْنَاهُ فِي رَأْي لَا فِي رِوَايَة
وغير مالك وبن مَهْدِيٍّ يُوَثِّقهُ
قَالَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ
هُوَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة ثِقَة صَحِيح الْحَدِيث
روى نحو مائة حديث
وقال بن مَعِينٍ صَالِح الْحَدِيث لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَقَدْ قال بن مَعِينٍ مَنْ قُلْت لَيْسَ بِهِ بَأْس فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَيْسَ بِهِ بَأْس
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِذَاكَ
قَالَ بن الْقَطَّانِ وَلَعَلَّهُ أَحْسَن حَالًا مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ بَيْن محمد بن عمرو وَبَيْن أُولَئِكَ الصَّحَابَة رَجُلًا
قَالَ وَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدنَا مُحْتَاجًا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيث للقضاء بانقطاعه لكتبته في المدرك الَّذِي قَدْ فَرَغْت مِنْهُ وَلَكِنَّهُ غَيْر مُحْتَاج إِلَيْهِ لِلْمُقَرَّرِ مِنْ تَارِيخ وَفَاة أَبِي قَتَادَةَ وَتَقَاصُر سِنّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِدْرَاك حَيَاته رَجُلًا
فَإِنَّمَا جَاءَتْ رِوَايَة عَطَّافٍ عَاضِدَة لِمَا قَدْ صَحَّ