. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فأنكرت ذلك فنظرت إلى بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي قَتَادَةَ فَقُلْت مَا هَذَا قَالُوا هِيَ السُّنَّة فَتَأَمَّلْ سَنَد هَذَا الْحَدِيث وَصِحَّته وَشَهَادَة نَافِعٍ بِشُهُودِ أَبِي قَتَادَةَ هَذِهِ الْجِنَازَة وَالْأَمِير يَوْمئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ
وَإِنَّمَا كَانَتْ إِمْرَته فِي خِلَافَة مُعَاوِيَةَ سَنَة ثَمَان وَأَرْبَعِينَ إِلَى سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ
وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكّ فِيهِ عَوَامّ أَهْل النَّقْل وَخَاصَّتهمْ
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا وَكَانَ بَدْرِيًّا وَبِمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ قَالَ صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا قُلْنَا لَا تَجُوز مُعَارَضَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَعْلُومَة الصِّحَّة بِرِوَايَاتِ التَّارِيخ الْمُنْقَطِعَة الْمَغْلُوطَة وَقَدْ خَطَّأَ الْأَئِمَّةُ رِوَايَة مُوسَى هَذِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَقَالُوا هِيَ غَلَط
قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره
وَيَدُلّ عَلَى أَنَّهَا غَلَط وُجُوه أَحَدهَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمُصَرِّحَة بِتَأْخِيرِ وَفَاته وَبَقَاء مُدَّته بَعْد مَوْت عَلِيٍّ
الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ كَانَ بَدْرِيًّا وَأَبُو قَتَادَةَ لَا يُعْرَف أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا
وَقَدْ ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرهمْ أَسَامِي مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الصَّحَابَة وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا ذِكْر أَبِي قَتَادَةَ فَكَيْف يَجُوز رَدّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَة الَّتِي لَا مَطْعَن فِيهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَة الشَّاذَّة الَّتِي قَدْ عُلِمَ خَطَؤُهَا يَقِينًا إِمَّا فِي قَوْله وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَإِمَّا فِي قَوْله وَكَانَ بَدْرِيًّا
وَأَمَّا رِوَايَة الشَّعْبِيِّ فَمُنْقَطِعَة أَيْضًا غَيْر ثَابِتَة وَلَعَلَّ بَعْض الرُّوَاة غَلَط مِنْ تَسْمِيَة قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَوْ غَيْره إِلَى أَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ بَدْرِيٌّ وَهُوَ قَدِيم الْمَوْت
وَأَمَّا الْمَقَام الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يُدْرِك خِلَافَة عَلِيٍّ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ تَأَخَّرَ عَنْ خِلَافَة عَلِيٍّ
وَأَمَّا الْمَقَام الثَّالِث وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَثْبُت سَمَاعه مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ بَلْ بَيْنهمَا رَجُل فَبَاطِل أَيْضًا
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعه حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ وَغَيْر وَاحِد قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنه حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ رَأَيْت أبا حميد الساعدي مع عشرة وهط مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَّا أُحَدِّثكُمْ فَذَكَرَهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْعَامِرِيُّ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ سمع أبا حميد الساعدي وأبا قتادة وبن عَبَّاسٍ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو حُمَيْدٍ تُوُفِّيَ قَبْل السِّتِّينَ فِي خِلَافَة مُعَاوِيَةَ وَأَبُو قَتَادَةَ تُوُفِّيَ بَعْد الخمسين كما ذكرنا فكيف نكر لِقَاء مُحَمَّدٍ لَهُمَا وَسَمَاعه مِنْهُمَا