(أنابك وَإِلَيْكَ) أَيْ تَوْفِيقِي بِكَ وَالْتِجَائِي وَانْتِمَائِي إِلَيْكَ (تَبَارَكْتَ) أَيِ اسْتَحْقَقْتَ الثَّنَاءَ وَقِيلَ ثَبَتَ الْخَيْرُ عندك
وقال بن الْأَنْبَارِيِّ تُبَارِكُ الْعِبَادَ بِتَوْحِيدِكَ
وَقِيلَ تَعَظَّمْتَ وَتَمَجَّدْتَ أَوْ جِئْتَ بِالْبَرَكَةِ أَوْ تَكَاثَرَ خَيْرُكَ وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ لِلدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ (وَلَكَ أَسْلَمْتُ) أَيْ لَكَ ذَلَلْتُ وَانْقَدْتُ أَوْ لَكَ أَخْلَصْتُ وَجْهِي أَوْ لَكَ خَذَلْتُ نَفْسِي وَتَرَكْتُ أَهْوَاءَهَا (خَشَعَ لَكَ) أَيْ خَضَعَ وَتَوَاضَعَ أَوْ سَكَنَ (سَمْعِي) فَلَا يَسْمَعُ إِلَّا مِنْكَ (وَبَصَرِي) فَلَا يَنْظُرُ إِلَّا بِكَ وَإِلَيْكَ وَتَخْصِيصُهُمَا مِنْ بَيْنِ الْحَوَاسِّ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْآفَاتِ بِهِمَا فَإِذَا خَشَعَتَا قَلَّتِ الْوَسَاوِسُ
قاله بن الملك (ومخي) قال بن رَسْلَانَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الدِّمَاغُ وَأَصْلُهُ الْوَدَكُ الَّذِي فِي الْعَظْمِ وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ (وَعِظَامِي وَعَصَبِي) فَلَا يَقُومَانِ وَلَا يَتَحَرَّكَانِ إِلَّا بِكَ فِي طَاعَتِكَ
وَهُنَّ عُمُدُ الْحَيَوَانِ وَأَطْنَابُهُ وَاللَّحْمُ والشحم غاد ورائح (ملأ السماوات وَالْأَرْضِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَنَصْبِ الْهَمْزَةِ وَرَفْعِهَا وَالنَّصْبُ أَشْهَرُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَقِيلَ حَالٌ أَيْ حَالُ كَوْنِهِ مَالِئًا لِتِلْكَ الْأَجْرَامِ عَلَى تَقْدِيرِ تَجَسُّمِهِ وَبِالرَّفْعِ صِفَةُ الْحَمْدِ قَالَهُ في المرقاة (وملأ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ إِلَّا اللَّهُ وَالْمُرَادُ الِاعْتِنَاءُ فِي تَكْثِيرِ الْحَمْدِ (أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أَيِ الْمُصَوِّرِينَ وَالْمُقَدِّرِينَ فَإِنَّهُ الْخَالِقُ الْحَقِيقِيُّ الْمُنْفَرِدُ بِالْإِيجَادِ وَالْإِمْدَادِ
وَغَيْرِهِ إِنَّمَا يُوجِدُ صُوَرًا مُمَوَّهَةً لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ الْخَلْقِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ وَاللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
(وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُمَّ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ اللَّهُمَّ (وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ) أَيْ جَمِيعَ الذُّنُوبِ لِأَنَّهَا إِمَّا سِرٌّ وَإِمَّا عَلَنٌ (وَمَا أَسْرَفْتُ) أَيْ جَاوَزْتُ الْحَدَّ (وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي) أَيْ مِنْ ذُنُوبِي وَإِسْرَافِي فِي أُمُورِي وغير ذلك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute