السماوات وَالْأَرْضِ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ صِفَاتِهِ الْقَيَّامُ وَالْقَيِّمُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْقَيُّومُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَقَائِمٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ قال الهروي ويقال قوام
قال بن عَبَّاسٍ الْقَيُّومُ الَّذِي لَا يَزُولُ
وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمَعْنَاهُ مُدَبِّرُ أَمْرِ خَلْقِهِ وَهُمَا شَائِعَانِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ والحديث (أنت رب السماوات وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لِلرَّبِّ ثَلَاثُ مَعَانٍ فِي اللُّغَةِ السَّيِّدُ الْمُطَاعُ وَالْمُصْلِحُ وَالْمَالِكُ
قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ بِمَعْنَى السَّيِّدِ الْمُطَاعِ فَشَرْطُ الْمَرْبُوبِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ سَيِّدُ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ بَلِ الْجَمِيعُ مُطِيعٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
(أَنْتَ الْحَقُّ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَقُّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّقُ وُجُودُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ صَحَّ وُجُودُهُ وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقٌّ وَمِنْهُ الْحَاقَّةُ أَيِ الْكَائِنَةُ حَقًّا بِغَيْرِ شَكٍّ (وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ إِلَخْ) أَيْ كُلُّهُ مُتَحَقِّقٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِلِقَائِكَ الْبَعْثُ لَا الْمَوْتُ (لَكَ أَسْلَمْتُ) أَيْ لَكَ اسْتَسْلَمْتُ وَانْقَدْتُ لِأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ (وَبِكَ آمَنْتُ) أَيْ صَدَّقْتُ بِكَ وَبِكُلِّ مَا أَخْبَرْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ (وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ) أَيْ أَطَعْتُ وَرَجَعْتُ إِلَى عِبَادَتِكَ أَيْ أَقْبَلْتُ عَلَيْهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ رَجَعْتُ إِلَيْكَ فِي تَدْبِيرِي أَيْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ (وَبِكَ خَاصَمْتُ) أَيْ بِمَا أَعْطَيْتَنِي من البراهين والقوة خاصمت من عائذ فِيكَ وَكَفَرَ بِكَ وَقَمَعْتُهُ بِالْحُجَّةِ وَالسَّيْفِ (وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ) أَيْ كُلَّ مَنْ جَحَدَ الْحَقَّ حَاكَمْتُهُ إِلَيْكَ وَجَعَلْتُكَ الْحَاكِمُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَا غَيْرَكَ مِمَّا كَانَتْ تَحَاكَمُ إِلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ صَنَمٍ وَكَاهِنٍ وَنَارٍ وَشَيْطَانٍ وَغَيْرِهَا فَلَا أَرْضَى إِلَّا بِحُكْمِكَ وَلَا أَعْتَمِدُ غَيْرَهُ (فَاغْفِرْ لِي) معنى سؤاله الْمَغْفِرَةَ مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ أَنَّهُ يَسْأَلُ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَخُضُوعًا وَإِشْفَاقًا وَإِجْلَالًا وَلِيُقْتَدَى بِهِ فِي أَصْلِ الدُّعَاءِ وَالْخُضُوعِ وَحُسْنِ التَّضَرُّعِ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الْمُعَيَّنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن ماجه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute