للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّورَةِ الَّتِي يَبْتَدِئُ بِهَا وَقَدْ قَامَتِ الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ مِنْهَا (لَمْ يُشَخِّصْ رَأْسَهُ) مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَوِ التَّفْعِيلِ أَيْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ أَيْ عُنُقَهُ (وَلَمْ يُصَوِّبْهُ) بِالتَّشْدِيدِ لَا غَيْرَ وَالتَّصْوِيبُ النُّزُولُ مِنْ أَعْلَى أَسْفَلَ أَيْ وَلَمْ يُنْزِلْهُ (وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ) أَيِ التَّشْخِيصُ وَالتَّصْوِيبُ بِحَيْثُ يَسْتَوِي ظَهْرُهُ وَعُنُقُهُ (وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ وُجُوبُ الِاعْتِدَالِ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَفِيهِ وُجُوبُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

قُلْتُ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْجُمْهُورُ وَاشْتَهَرَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مُصَنِّفِيهِمْ لَكِنْ كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ مِقْدَارَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثًا فِي الرُّكُوعِ وَذَلِكَ أَدْنَاهُ

قَالَ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ هَذَا مِقْدَارُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِئُ أَدْنَى مِنْهُ

قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَقَالُوا إِذَا اسْتَوَى رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ سَاجِدًا أَجْزَأَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّاتِ) أَيْ يَقْرَؤُهَا بَعْدَهُمَا

وَفِي حُجَّةٍ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ وَاجِبَانِ

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرُونَ هُمَا سنتان ليس وَاجِبَيْنِ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ

وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَبِقَوْلِهِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ

وَاحْتَجَّ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَصِحًّ جَبْرُهُ كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ

قَالُوا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ فَالْأَخِيرُ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهُ الْأَعْرَابِيَّ حِينَ عَلَّمَهُ فُرُوضَ الصَّلَاةِ

قَالَهُ النَّوَوِيُّ

(يَفْرِشُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا (وَيَنْصِبُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى) أَيْ يَضَعُ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعُ عَقِبَهَا

فِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ مُفْتَرِشًا سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ الْجَلْسَاتِ

وَعِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يُسَنُّ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ يُخْرِجَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَيُفْضِيَ بِوَرِكِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ السُّنَّةُ أَنْ يَجْلِسَ كُلَّ الْجَلَسَاتِ مُفْتَرِشًا إِلَّا الَّتِي يَعْقُبُهَا السَّلَامُ

وَاحْتِجَاجُ الشَّافِعِيِّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بالافتراش في

<<  <  ج: ص:  >  >>