آنِفًا (لَا تَكُنْ فَتَّانًا) أَيْ مُنَفِّرًا عَنِ الدين وصادا عنه
ففيه انكار عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مَا يُنْهَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ
وَفِيهِ جَوَازُ الِاكْتِفَاءِ فِي التَّعْزِيرِ بِالْكَلَامِ
وَفِيهِ الْأَمْرُ بِتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَى إِطَالَتِهَا
قَالَهُ النَّوَوِيُّ (فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ وَالْمُسَافِرُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمَأْمُومِينَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ إِذَا عُلِمَ رِضَا الْمَأْمُومِينَ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ لَا يَعْلَمُ حَالَ مَنْ يَأْتِي فَيَأْتَمُّ بِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ التَّطْوِيلُ مُطْلَقًا إِلَّا إِذَا فُرِضَ فِي مُصَلٍّ بِقَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ فِي مَكَانٍ لَا يَدْخُلُهُ غَيْرُهُمْ
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْحَاجَةَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا عُذْرٌ فِي تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ
وَفِيهِ جَوَازُ خُرُوجِ الْمَأْمُومِ مِنَ الصَّلَاةِ لِعُذْرٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ لِأَنَّ مُعَاذًا كان يصلي مع رسول الله فَيَسْقُطُ فَرْضُهُ ثُمَّ يُصَلِّي مَرَّةً ثَانِيَةً بِقَوْمِهِ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ وَقَدْ جَاءَ هَكَذَا مُصَرَّحًا بِهِ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ وَهَذَا جائز عند الشافعي رحمه الله تعالى وخرين وَلَمْ يُجِزْهُ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْكُوفِيُّونَ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النبي تَنَفُّلًا وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يعلم به النبي
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ حَدِيثُ مُعَاذٍ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ
وَكُلُّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ دَعَاوَى لَا أَصْلَ لَهَا فَلَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بِهَا
انْتَهَى
قُلْتُ قَدْ رَدَّ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ رَدًّا حَسَنًا وَأَشْبَعَ الْكَلَامَ فِيهِ فَإِنْ شِئْتَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ
[٧٩٢] (كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مَا تَدْعُو فِي صَلَاتِكَ (قَالَ) الرَّجُلُ (أَتَشَهَّدُ) هُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الشَّهَادَةِ يُرِيدُ تَشَهُّدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ سُمِّيَ تَشَهُّدًا لِأَنَّ فِيهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله (أما) بفتح الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الْمِيمِ (إِنِّي لَا أُحْسِنُ) مِنَ الْإِحْسَانِ أَيْ لَا أَعْرِفُ وَلَا أَدْرِي وَلَا أَعْمَلُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ يُحْسِنُ الشَّيْءَ أَيْ يَعْمَلُهُ انْتَهَى (دَنْدَنَتَكَ) بِدَالَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ وَنُونَيْنِ هِيَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالْكَلَامِ تُسْمَعُ نَغْمَتُهُ وَلَا يُفْهَمُ وَهِيَ أَرْفَعُ مِنَ الْهَيْنَمَةِ قَلِيلًا
قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الدَّنْدَنَةُ قِرَاءَةٌ مُبْهَمَةٌ غَيْرُ مَفْهُومَةٍ وَالْهَيْنَمَةُ مِثْلُهَا أَوْ