وَكَانُوا يُلْبِسُونَ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ بِالْجَهْرِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ (لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ خَلْفِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ خَافَتَ بِهَا وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ لَا طَعْنَ فِيهِ
قُلْتُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ وَفِيمَا جَهَرَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولُ
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمَا لَا أُحْصِي مِنَ التَّابِعِينَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَإِنْ جَهَرَ
انْتَهَى
وَقَالَ فِيهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ اقْرَأْ خَلْفَ الْإِمَامِ
قُلْتُ وَإِنْ قَرَأْتَ قَالَ نَعَمْ وَإِنْ قَرَأْتُ وَكَذَلِكَ قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعُبَادَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وعدة من أصحاب النبي نَحْوَ ذَلِكَ
انْتَهَى
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْإِذْنُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ جَهْرًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنَ النَّهْيِ عَنِ الجهر خلفه ولكنه أخرج بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله أتقرؤن فِي صَلَاتِكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ فَلَا تَفْعَلُوا وَلْيَقْرَأْ أَحَدُكُمْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي نَفْسِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ مُرْسَلًا
كَذَا فِي التَّلْخِيصِ
قُلْتُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم وأعل هذا الحديث بأن بن إِسْحَاقَ رَوَاهُ عَنْ مَكْحُولٍ وَهُوَ مُدَلِّس لَمْ يُصَرِّح بِسَمَاعِهِ مِنْ مَكْحُولٍ
وَإِنَّمَا عَنْعَنَهُ وَالْمُدَلِّس إِذَا عَنْعَنَ لَمْ يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أبو داود
قال البيهقي وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
فَذَكَر سَمَاعه فِيهِ مِنْ مَكْحُولٍ فَصَارَ الْحَدِيث بِذَلِكَ مَوْصُولًا صَحِيحًا
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَاب الْقِرَاءَة خَلْف الْإِمَام وَقَالَ هُوَ صَحِيح وَوَثَّقَ اِبْنَ إِسْحَاقَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ فِيهِ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ غَيْر حديث بن إِسْحَاقَ أَيْضًا وَقَالَ هُوَ صَحِيح