فَكَأَنِّي أُجَاذِبُهُ فَيَعْصَى وَيَثْقُلُ عَلَيَّ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَبِالنَّصْبِ أَيْ يُنَازِعُنِي مَنْ وَرَائِي فِيهِ بِقِرَاءَتِهِمْ عَلَى التَّغَالُبِ يَعْنِي تُشَوِّشَ قِرَاءَتِهِمْ عَلَى قِرَاءَتِي وَيُؤَيِّدُ مَا فِي نُسْخَةِ يُنَازِعُنِي بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى حَذْفِ الْوَاوِ وَنَصْبِ الْقُرْآنِ لَكِنْ فِي صِحَّتِهَا نَظَرٌ إِذْ لَا يَجُوزُ التَّأْكِيدُ إِلَّا فِي الِاسْتِقْبَالِ بِشَرْطِ الطَّلَبِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهَا فَاتِحَتُهُ كَمَا سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُهَا
قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالْحَدِيثُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ الْقِرَاءَةِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَهَرَ أَوْ أَسَرَّ
[٨٢٥] (قالوا) أي بن جَابِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ اللَّهِ بن العلاء (فكان مكحول يقرأ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مُرْسَلًا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَا أَعْلَمُ بِالشَّامِ أَفْقَهَ مِنْهُ (يَقْرَأُ في المغرب إلخ) لقوله فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ (قَالَ مَكْحُولٌ اقْرَأْ) أَمْرٌ لِلْمُخَاطَبِ (إِذَا قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسَكَتَ) أَيِ اقْرَأْ فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ الَّتِي بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ لِلْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ (سِرًّا) أَيِ اقْرَأْ سِرًّا (فَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ) أَيِ الْإِمَامُ (اقْرَأْ بِهَا قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ لَا تَتْرُكْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ) لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُنْقَطِعٌ
مَكْحُولٌ لَمْ يُدْرِكْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ
فَائِدَةٌ قَدِ اخْتَلَفَتِ الشَّافِعِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ هَلْ تَكُونُ عِنْدَ سَكَتَاتِ الْإِمَامِ أَوْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا تُقْرَأُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَفِعْلُهَا حَالَ سُكُوتِ الْإِمَامِ إِنْ أَمْكَنَ أَحْوَطُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فَاعِلَ ذَلِكَ أَخْذًا بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا اعْتِيَادُ قِرَاءَتِهَا حَالَ قِرَاءَتِهِ لِلسُّورَةِ فَقَطْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ بَلِ الْكُلُّ جَائِزٌ وَسُنَّةٌ
نَعَمْ حَالُ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْفَاتِحَةِ مُنَاسِبٌ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى تَأْخِيرِ الِاسْتِعَاذَةِ عَنْ مَحَلِّهَا الَّذِي هُوَ بَعْدَ التَّوَجُّهِ أَوْ تَكْرِيرِهَا عِنْدَ إِرَادَةِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إِنْ فَعَلَهَا فِي مَحَلِّهَا أَوَّلًا وَأَخَّرَ الْفَاتِحَةَ إِلَى حَالِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلسُّورَةِ وَمِنْ جِهَةِ