الْجَهْرِيَّةِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قِرَاءَةِ الْمُؤْتَمِّ خَلْفَ الْإِمَامِ سِرًّا وَالْمُنَازَعَةُ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ جَهْرِ الْمُؤْتَمِّ لَا مَعَ إِسْرَارِهِ
وَأَيْضًا لَوْ سُلِّمَ دُخُولُ ذَلِكَ فِي الْمُنَازَعَةِ لَكَانَ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ الَّذِي لِلْإِنْكَارِ عَامًّا لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ أَوْ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِهِ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ خَاصًّا وَمُقَيَّدًا وَبِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَاجِبٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قُلْتُ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ جُمْلَةَ فَانْتَهَى النَّاسُ إِلَخْ لَيْسَتْ مِنَ الْحَدِيثِ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ لأن بن أكيمة مجهول كذا قال علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ قَالَ مَيْرَكُ نقلا عن بن الْمُلَقَّنِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ والأربعة وقال الترمذي حسن وصححه بن حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ الْحُمَيْدِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ انْتَهَى
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ النَّوَوِيِّ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ صَحِيحٍ
قُلْتُ لَكِنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَوْ سَلِمَ صِحَّتُهُ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ كَمَا تَقَدَّمَ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القران
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم لعلكم تقرأون وَالْإِمَام يَقْرَأ قَالُوا إِنَّا لَنَفْعَل قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا أَنْ يَقْرَأ أَحَدكُمْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب رَوَاهُ جَمَاعَة عَنْ سُفْيَانَ
قَالَ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَأَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّهمْ ثِقَة فَتَرْك ذِكْر أَسْمَائِهِمْ فِي الْإِسْنَاد لَا يَضُرّ إِذَا لَمْ يُعَارِضهُ مَا هُوَ أَصَحّ مِنْهُ وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيث عِلَّة وَهِيَ أَنَّ أَيُّوبَ خَالَفَ فِيهِ خَالِدًا وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَارِيخ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُؤَمِّلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَمَّا حَدِيث جَابِرٍ يَرْفَعهُ مَنْ كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ فَقِرَاءَة فَلَهُ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيَّ وبن عُيَيْنَةَ وَأَبَا عَوَانَةَ وَجَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ رَوَوْهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ مُرْسَلًا وَالْعِلَّة الثَّانِيَة أَنَّهُ لَا يَصِحّ رَفْعه وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف وَقْفه قَالَ الْحَاكِم سَمِعْت سَلَمَة بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُول سَأَلْت أَبَا مُوسَى الرَّازِيَّ الْحَافِظَ عَنْ الْحَدِيث الْمَرْوِيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من كَانَ لَهُ إِمَام فَقِرَاءَة الْإِمَام لَهُ قِرَاءَة فَقَالَ لَمْ يَصِحّ فِيهِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء إِنَّمَا اِعْتَمَدَ مَشَايِخنَا فيه على الروايات عن علي وبن مَسْعُودٍ وَالصَّحَابَة قَالَ الْحَاكِمُ أَعْجَبَنِي هَذَا لَمَّا سَمِعْته فَإِنَّ أَبَا مُوسَى أَحْفَظ مَنْ رَأَيْنَا مِنْ أَصْحَاب الرَّأْي تَحْت أَدِيمِ السَّمَاءِ وَقَدْ رفعه جابر الجعفي وليث بن أبي سلم عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَتَابَعَهُمَا مَنْ هُوَ أَضْعَف مِنْهُمَا أَوْ مِثْلهمَا