. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
صَارَتْ صَلَاته قَرِيبًا مِنْ السَّوَاء
فَكُلّ وَاحِدَة مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ تُصَدِّق الْأُخْرَى
وَالْبَرَاءُ تَارَة قَرَّبَ وَلَمْ يُحَدِّد فَلَمْ يَذْكُر الْقِيَام وَالْقُعُود وَتَارَة اِسْتَثْنَى وَحَدَّدَ فَاحْتَاجَ إِلَى ذِكْر الْقِيَام وَالْقُعُود وَقَدْ غَلَط بَعْضهمْ حَيْثُ فَهِمَ مِنْ اِسْتِثْنَاء الْقِيَام وَالْقُعُود أَنَّهُ اِسْتَثْنَى الْقِيَام مِنْ الرُّكُوع وَالْقُعُود بَيْن السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ يَخْفِضهُمَا فَلَمْ يَكُونَا قَرِيبًا مِنْ بَقِيَّة الْأَرْكَان
فَإِنَّهُمَا رُكْنَانِ قَصِيرَانِ
وَهَذَا مِنْ سُوء الْفَهْم فَإِنَّ سِيَاق الْحَدِيث يُبْطِلهُ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ هَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا فَكَيْف يَذْكُرهُمَا مَعَ بَقِيَّة الْأَرْكَان
وَيُخْبِر عنهما بأنهما مساويان لها ثم يستثنيهما مِنْهَا وَهَلْ هَذَا إِلَّا بِمَنْزِلَةِ قَوْل الْقَائِل قَامَ زَيْد وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ وَخَالِدٌ إِلَّا زَيْدًا وَعَمْرًا وَقَدْ ثَبَتَ تَطْوِيل هَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم فِي عَدّه أَحَادِيث صَحِيحَة صَرِيحَة أَحَدهَا هَذَا وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ عَلَى إِصَابَة أَبِي عُبَيْدَةَ فِي تَطْوِيله رُكْن الِاعْتِدَال مِنْ الرُّكُوع بِقَوْلِهِ كَانَتْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم وركوعه وإذا رفع رأسه وَسُجُوده وَمَا بَيْن السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاء
وَلَوْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّف هَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ لَأَنْكَرَ الْبَرَاء صَلَاة أَبِي عُبَيْدَةَ وَلَمْ يَرْوِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَتَضَمَّن تَصْوِيبه
وَمِنْهَا ما رواه مسلم في صحيحه من حديث حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا صَلَّيْت خَلْف أَحَد أَوْجَز صَلَاة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَام كَانَتْ صَلَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَارِبَة وَكَانَتْ صَلَاة أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَة فَلَمَّا كَانَ عُمَر مَدَّ فِي صَلَاة الْفَجْر
وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ قَامَ حَتَّى نَقُول قَدْ أَوْهَمَ ثُمَّ يَسْجُد وَيَقْعُد بَيْن السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُول قَدْ أَوْهَمَ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظ
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا صَلَّيْت خَلْف رَجُل أَوْجَز صَلَاة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامٍ وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قَالَ سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ قَامَ حَتَّى نَقُول قَدْ أَوْهَمَ ثُمَّ يُكَبِّر ثُمَّ يَسْجُد وَكَانَ يَقْعُد بَيْن السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُول قَدْ أَوْهَمَ فَجَمَعَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح بَيْن الْإِخْبَار عَنْ إِيجَاز رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِتْمَامهَا وَأَنَّ مِنْ إِتْمَامهَا إِطَالَة الِاعْتِدَالَيْنِ جِدًّا كَمَا أَخْبَرَ بِهِ
وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَا رَأَى أَوْجَزَ صَلَاة مِنْهَا وَلَا أَتَمّ فَيُشْبِه وَاللَّهُ أَعْلَم أَنْ يَكُون الْإِيجَاز عَادَ إِلَى الْقِيَام والإتمام إلى الركوع والسجود وركني الأعتدال فهذا تَصِير الصَّلَاة تَامَّة مُوجَزَة فَيَصْدُق قَوْله مَا رَأَيْت أَوْجَزَ مِنْهَا وَلَا أَتَمّ وَيُطَابِق هَذَا حَدِيث الْبَرَاءِ الْمُتَقَدِّم وَأَحَادِيث أَنَسٍ كُلّهَا تَدُلّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطِيل الرُّكُوع وَالسُّجُود وَالِاعْتِدَالَيْنِ زِيَادَة عَلَى ما يفعله أَكْثَر الْأَئِمَّة وَيَعْتَادُونَهُ
وَرِوَايَات الصَّحِيحَيْنِ تَدُلّ عَلَى ذَلِكَ
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّي بِكَمْ كَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا
قال ثابت فكان أَنَسٌ يَصْنَع شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوع اِنْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُول الْقَائِل قَدْ نَسِيَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسه فِي السَّجْدَة مَكَثَ حَتَّى يَقُول الْقَائِل قَدْ نَسِيَ
وَفِي لَفْظ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسه بَيْن السَّجْدَتَيْنِ
وَفِي رِوَايَة