الْإِجَابَةِ فَأَمَرَهُمْ بِإِكْثَارِ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ
قَالَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ كَثْرَةِ السُّجُودِ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[٨٧٦] (سليمان بن سحيم) بمهلتين مصغر وثقه بن مَعِينٍ (كَشَفَ السِّتَارَةَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ السِّتْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ (لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ مَا يَبْدُو مِنْهَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَبَاشِيرِ الصُّبْحِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَبْدُو مِنْهُ وَهُوَ كقول عائشة أول ما بدىء بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ الرُّؤْيَا مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ سَوَاءٌ رَآهَا الْمُسْلِمُ أَوْ رَآهَا غَيْرُهُ (أَوْ تُرَى لَهُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ رَآهَا غَيْرُهُ لَهُ (وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا) أَيْ إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي هَذَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالنَّهْيُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ لِأُمَّتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ أَمَّا الرُّكُوعُ إِلَخْ وَيُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَهَذَا النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمَّا كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَهُمَا غَايَةُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ مَخْصُوصَيْنِ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ نهى عليه السلام عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامِ الْخَلْقِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيَكُونَانِ سَوَاءً
ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
وَفِيهِ أنه ينتفض بالجمع بينهما في حال القيام
وقال بن الْمَلِكِ وَكَأَنَّ حِكْمَتَهُ أَنَّ أَفْضَلَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقِيَامُ وَأَفْضَلَ الْأَذْكَارِ الْقُرْآنُ فَجَعَلَ الْأَفْضَلَ لِلْأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْلِهِ فِي غَيْرِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ استوائه مَعَ بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ
وَقِيلَ خُصَّتِ الْقِرَاءَةُ بِالْقِيَامِ أَوِ الْقُعُودِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَةِ وَيَتَمَحَّضَانِ لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُمَا بِذَوَاتِهِمَا يُخَالِفَانِ الْعَادَةَ وَيَدُلَّانِ عَلَى الْخُضُوعِ وَالْعِبَادَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَالَانِ دَالَّانِ عَلَى الذُّلِّ وَيُنَاسِبُهُمَا الدُّعَاءُ وَالتَّسْبِيحُ فَنَهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَتَكْرِيمًا لِقَارِئِهِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْكَلِيمِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ) أَيْ قُولُوا سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ (فَقَمِنٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فَمَنْ فَتَحَ فَهُوَ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute