نَحْوَ ذَلِكَ فَكُلُّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ فَلَوْ صَلَّى كَذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ
ثُمَّ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقًا لِمَنْ صَلَّى كَذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا كَذَلِكَ لَا لَهَا بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الصَّحِيحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمَنْقُولُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ
انْتَهَى مُلَخَّصًا
[٨٩٠] (أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ آرَابٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ إِرْبٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيَهِ وَهُوَ الْعُضْوُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
انْتَهَى
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَخْطَأَ الْمُنْذِرِيُّ إِذَ عَزَا فِي مُخْتَصَرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وليس فيهما لفظ اراب أَصْلًا
[٨٩١] (وَجْهُهُ) بِالرَّفْعِ بَيَانٌ لِسَبْعَةِ آرَابٍ وَالْمُرَادُ بالوجه ها هنا الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَلَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالْيَدَيْنِ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ الْحَدِيثَ
قَالَ الْحَافِظُ كَأَنَّهُ ضَمَّنَ أشار معنى أمر بتشديد الراء فلذلك عبداه بِعَلَى دُونَ إِلَى وَوَقَعَ فِي الْعُمْدَةِ بِلَفْظِ إِلَى وَهِيَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عيينة عن بن طاؤس فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ بن طَاوُسٍ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَمَرَّهَا عَلَى أَنْفِهِ وَقَالَ هَذَا وَاحِدٌ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ
انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمْ إِلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهُ يُجْزِئُ السُّجُودُ على الأنف وحدها
وقد نقل بن الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ السجود على الأنف وحده
واستدل الطائفة الأولى برواية مسلم المذكورة عن بن عَبَّاسٍ وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مُسْتَقِلًّا لَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْأَعْضَاءُ ثَمَانِيَةً وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالسُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَحْدَهَا وَالْجَبْهَةِ وَحْدَهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضُ الْعُضْوِ وَهُوَ يَكْفِي كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ