صَلَاتِهِمْ حَتَّى نَزَلَتْ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هم في صلاتهم خاشعون) فَأَقْبَلُوا عَلَى صَلَاتِهِمْ وَنَظَرُوا أَمَامِهُمْ وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَصَلَهُ الْحَاكِمُ بِذِكْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ انْتَهَى (فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) إِمَّا بِتَكْرِيرِ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّجْرِ (لَيَنْتَهِيَنَّ) وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ لِلْبُخَارِيِّ فَالْأَكْثَرُونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَحَذْفِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ وَالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (أَوْ لَتُحْفَظُنَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَتُسْلَبُنَّ
قَالَ فِي النَّيْلِ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا الِانْتِهَاءُ عَنْهُ وَإِمَّا الْعَمَى وَهُوَ وَعِيدٌ عَظِيمٌ وَتَهْدِيدٌ شَدِيدٌ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الدُّعَاءِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا وَقَعَ بِهِ التَّقْيِيدُ
وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ خَرَجَ عَنْ سَمْتِ الْقِبْلَةِ أَعْرَضَ عَنْهَا وَعَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفْعَ الْبَصَرِ حَالَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ بِالْعَمَى لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ مُحَرَّمٍ
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وبالغ بن حَزْمٍ فَقَالَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري والنسائي وبن مَاجَهْ
[٩١٤] (فِي خَمِيصَةٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كِسَاءٌ مُرَبَّعٌ لَهُ عَلَمَانِ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ خَمِيصَةٌ هِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعَلَّمٍ وَقِيلَ لَا تُسَمَّى خَمِيصَةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَوْدَاءَ مُعَلَّمَةً وَكَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ قَدِيمًا وَجَمْعُهَا الْخَمَائِصُ (شَغَلَتْنِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَلْهَتْنِي وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ (أَعْلَامُ هَذِهِ) يَعْنِي الْخَمِيصَةَ
وَقَالَ فِي اللِّسَانِ عَلَمُ الثَّوْبِ رَقْمَةٌ فِي أَطْرَافِهِ (إِلَى أَبِي جَهْمٍ) هُوَ عُبَيْدٌ وَيُقَالُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَإِنَّمَا خَصَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِرْسَالِ الْخَمِيصَةِ لِأَنَّهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَهْدَى أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِخَمِيصَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَلَبِسَ إِحْدَاهُمَا وَبَعَثَ الْأُخْرَى إِلَى أَبِي جَهْمٍ
وَلِأَبِّي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَأَخَذَ كرديا لأبي جهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute