أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا إِلَى قَوْلِهِ فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا) هَذَا يَرُدُّ تَأْوِيلَ الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الصَّبِيَّةُ قَدْ أَلِفَتْهُ فَإِذَا سَجَدَ تَعَلَّقَتْ بِأَطْرَافِهِ وَالْتَزَمَتْهُ فَيَنْهَضُ مِنْ سُجُودِهِ فَتَبْقَى مَحْمُولَةً كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَرْكَعَ فَيُرْسِلَهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا وَقَوْلُهُ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّفْعَ صَادِرٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَإِذَا كَانَ عَلَمُ الْخَمِيصَةِ يَشْغَلُهُ عَنْ صَلَاتِهِ يَسْتَبْدِلُ بِهَا الْأَنْبِجَانِيَّةَ فَكَيْفَ لَا يُشْغَلُ عَنْهَا بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ مِنَ الْأَمْرِ
انْتَهَى
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْخَمِيصَةِ فَلِأَنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ بِلَا فَائِدَةٍ وَحَمْلُ أُمَامَةَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَإِنْ شَغَلَهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَائِدُ وَبَيَانُ قَوَاعِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ فَاحْتَمَلَ ذَلِكَ الشَّغْلُ لِهَذِهِ الْفَوَائِدِ بِخِلَافِ الْخَمِيصَةِ فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَهُوَ جَائِزٌ لَنَا وَشَرْعٌ مُسْتَمِرٌّ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَمْسَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا يُلَابِسُهُ هَذِهِ الْمُلَابَسَةَ إِلَّا وَقَدْ لَمَسَهُ بِبَعْضِ أَعْضَائِهَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ثِيَابَ الْأَطْفَالِ وَأَبْدَانَهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ
وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ
وَفِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى وَفِي كُمِّهِ مَتَاعٌ أَوْ عَلَى رَقَبَتِهِ كَارةٌ وَنَحْوُهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ مُجْزِيَةٌ
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
قُلْتُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
[٩٢١] (اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ) هُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ كَالْقَمَرَيْنِ وَلَا يُسَمَّى بِالْأَسْوَدِ فِي الْأَصْلِ إِلَّا الْحَيَّةُ (الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ) بَيَانٌ لِلْأَسْوَدَيْنِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ مُوَالَاةَ الْفِعْلِ مَرَّتَيْنِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَذَلِكَ أَنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ غَالِبًا إِنَّمَا يَكُونُ بِالضَّرْبَةِ وَالضَّرْبَتَيْنِ فَأَمَّا إِذَا تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَصَارَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ بَطَلَتِ الصَّلَاةُ
وَفِي مَعْنَى