مَوْضِعٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ فِي شَمَالَيِ الْمَدِينَةِ
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ إِنَّهَا مِنْ عَمَلِ الْفُرُوعِ فَلَيْسَ بِمَقْبُولٍ لِأَنَّ الْفَرْعَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَعِيدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ فِي شَامِ الْمَدِينَةِ
وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ الْفَرْعِ (آسَفٌ كَمَا يَأْسَفُونَ) أَيْ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا منهم أَيْ أَغْضَبُونَا (لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً) أَيْ لَطَمْتُهَا لطمة (فمعظم ذلك) أَيْ صَكِّي إِيَّاهَا (أَيْنَ اللَّهُ إِلَى قَوْلِهِ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ قَوْلُهُ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ إِيمَانِهَا أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِهَا حِينَ سَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ وَسَأَلَهَا من أنا فقالت رسول الله فَإِنَّ هَذَا سُؤَالٌ عَنْ أَمَارَةِ الْإِيمَانِ وَسِمَةِ أَهْلِهِ وَلَيْسَ بِسُؤَالٍ عَنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ وَحَقِيقَتِهِ
وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا جَاءَنَا يُرِيدُ الِانْتِقَالَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ فَوَصَفَ مِنَ الْإِيمَانِ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي تَكَلَّمَتِ الْجَارِيَةُ لَمْ يَصِرْ بِهِ مُسْلِمًا حَتَّى يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيَتَبَرَّأَ مِنْ دِينِهِ الَّذِي كَانَ يَعْتَقِدُهُ وَإِنَّمَا هَذَا كَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ يُوجَدَانِ فِي بَيْتٍ فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ فَيَقُولُ زَوْجَتِي فَتُصَدِّقُهُ الْمَرْأَةُ فَإِنَّا نُصَدِّقُهُمَا وَلَا نَكْشِفُ عَنْ أَمْرِهِمَا وَلَا نُطَالِبُهُمَا بِشَرَائِطِ عَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى إِذَا جَاءَانَا وَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ يُرِيدَانِ ابْتِدَاءَ عَقْدِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّا نُطَالِبُهُمَا حِينَئِذٍ بِشَرَائِطِ عَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ إِحْضَارِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ كَذَلِكَ الْكَافِرُ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ لَمْ يُقْتَصَرْ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ إِنِّي مُسْلِمٌ حَتَّى يَصِفَ الْإِيمَانَ بِكَمَالِهِ وَشَرَائِطِهِ فَإِذَا جَاءَنَا مَنْ نَجْهَلُ حَالَهُ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فَقَالَ إِنِّي مُسْلِمٌ قَبِلْنَاهُ وَكَذَلِكَ إِذَا رَأَيْنَا عَلَيْهِ أَمَارَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَيْئَةٍ وَشَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ لَنَا خِلَافُ ذَلِكَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute