مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ لَمَّا أَنْ مَضَى مُعْظَمُ الصَّلَاةِ حَسُنَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَمَّا أن لم يمضي مِنْهَا إِلَّا الْيَسِيرُ لَمْ يَسْتَمِرَّ وَكَذَا وَقَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَيْثُ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ فِي صَلَاتِهِ إِمَامًا لِهَذَا الْمَعْنَى
وَقِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ (فَتَخَلَّصَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ) قِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ (فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْحَمْدِ (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ) فِيهِ سُؤَالُ الرَّئِيسِ عَنْ سَبَبِ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ قَبْلَ الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ وَفِيهِ إِكْرَامُ الْكَبِيرِ بِمُخَاطَبَتِهِ بِالْكُنْيَةِ وَاعْتِمَادُ ذِكْرِ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ بِمَا يُشْعِرُ بِالتَّوَاضُعِ مِنْ جِهَةِ اسْتِعْمَالِ أَبِي بَكْرٍ خِطَابَ الْغَيْبَةِ مَكَانَ الْحُضُورِ إِذْ كَانَ حَدُّ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِي فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى التَّوَاضُعِ مِنَ الْأَوَّلِ (أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ يَؤُمُّهُ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (أَكْثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ) هُوَ التَّصْفِيقُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا حَصَلَ عَلَيْهِمْ لِكَثْرَتِهِ لَا لِمُطْلَقِهِ (مَنْ نَابَهُ) أَيْ أَصَابَهُ (فَلْيُسَبِّحْ) أَيْ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ (الْتُفِتَ إِلَيْهِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْفِقْهِ مِنْهَا تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَّا حَانَتِ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ لَمْ يُؤَخِّرُوهَا انْتِظَارًا لَهُ
وَمِنْهَا أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا مَا لَمْ يَتَحَوَّلِ الْمُصَلِّي عَنِ الْقِبْلَةِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ
وَمِنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ كَمَا صَفَّقُوا بِأَيْدِيهِمْ وَفِيهِ أَنَّ التَّصْفِيقَ سُنَّةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَعْنَى التَّصْفِيحِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَنْ يُضْرَبَ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَىَ صَفْحَ الْكَفِّ مِنَ الْيُسْرَى وَمِنْهَا أَنَّ تَقَدُّمَ الْمُصَلِّي عَنْ مُصَلَّاهُ وَتَأَخُّرَهُ عن مقامه لحاجة تعريض لَهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ صَلَاتَهُ مَا لَمْ تَطُلْ ذَلِكَ وَمِنْهَا إِبَاحَةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ فِي أَضْعَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute