أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَهُ أَبُو حُمَيْدٍ وَرُفْقَتُهُ وَوَصَفُوا الِافْتِرَاشَ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّوَرُّكَ فِي الْأَخِيرِ وَهَذَا مُبَيَّنٌ فَوَجَبَ حَمْلُ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَقَدْ قِيلَ فِي حِكْمَةِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى عَدَمِ اشْتِبَاهِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إِذْ رَآهُ عَلِمَ قَدْرُ مَا سَبَقَ بِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ تَشَهُّدَ الصُّبْحِ كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ أَحْمَدَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ اخْتِصَاصُ التَّوَرُّكِ بِالصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا تَشَهُّدَانِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
[٩٦٤] (بِهَذَا الْحَدِيثِ) أَيِ الْمَذْكُورِ (وَلَمْ يَذْكُرْ) أَيْ عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ (أَبَا قَتَادَةَ) كَمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ فِي رِوَايَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ قَالَا مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةُ (فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) أَيِ الْأُولَيَيْنِ (جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى) زَادَ الْبُخَارِيُّ وَنَصَبَ الْيُمْنَى (فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ هَيْئَةَ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ غَيْرُ هَيْئَةِ الْجُلُوسِ فِي الْأَخِيرِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ حَمَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى الْعُذْرِ وَعَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَهُوَ حَمْلٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَذُكَرَ فِي إِثْبَاتِ مَذْهَبِهِمْ وَهُوَ الِافْتِرَاشُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ أَحَادِيثُ لَا يَثْبُتُ بِهَا مَطْلُوبُهُمْ مِنْهَا حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَحَدِيثُ وَائِلٍ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ فَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا جَلَسْتَ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَدِيثُ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
وَلَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ الْمُنْصِفِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَأَمْثَالَهَا بَعْضُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِمْ صَرِيحًا بَلْ يَحْتَمِلُهُ وَغَيْرُهُ وَمَا كَانَ مِنْهَا دَالًّا صَرِيحًا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute