يَسْأَلَ عَنْهُ مَنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ (قُولُوا اللَّهُمَّ إِلَخْ) اسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عليه بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ عُمَرُ وَابْنُهُ عبد الله وبن مَسْعُودٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بن حنبل وإسحاق وبن الْمَوَّازِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونَ
قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ
إِنَّهُ أَجْمَعَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ مِنَ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ لِمَا عَرَفْتَ مِنْ نِسْبَةِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَلَكِنَّهُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْأَمْرِ بِهَا وَبِمَا فِي سَائِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ لأن غايتها الأمر بمطلق الصلاة عليه وَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِإِيقَاعِ فَرْدٍ مِنْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ بما أخرجه بن حبان والحاكم والبيهقي وصححوه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ بِزِيَادَةِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا وَفِي رِوَايَةٍ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فِي صَلَاتِنَا وَغَايَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أن يتعين بها محل الصلاة عليه وَهُوَ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُعَيِّنُ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَهُوَ إِيقَاعُهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
وَيُمْكِنُ الِاعْتِذَارُ عَنِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ الْأَوَامِرَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَحَادِيثِ تَعْلِيمُ كَيْفِيَّةٍ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إِذَا أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا فَكَيْفَ أُعْطِيكَ إِيَّاهُ أَسِرًّا أَمْ جَهْرًا فَقَالَ لَهُ أَعْطِنِيهِ سِرًّا كَانَ ذَلِكَ أَمْرًا بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ السِّرِّيَّةُ لَا أَمْرًا بِالْإِعْطَاءِ وَتَبَادُرُ هَذَا الْمَعْنَى لُغَةً وَشَرْعًا وَعُرْفًا لَا يُدْفَعُ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي السُّنَّةِ وَكَثُرَ فَمِنْهُ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمُ اللَّيْلَ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلَاةَ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ الْحَدِيثَ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ (وَآلِ مُحَمَّدٍ) بِحَذْفِ عَلَى وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ بِإِثْبَاتِهَا وَقَدْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى وُجُوبِ زِيَادَتِهَا كَذَا فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ
وَفِي الْمِرْقَاةِ قِيلَ الْآلُ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ كَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ كُلُّ تَقِيٍّ آلُهُ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْآلِ جَمِيعُ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْآلِ الْأَزْوَاجُ وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِمُ الذُّرِّيَّةُ وبذلك يجمع بين الأحاديث
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ هُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ وَنَسْلُهُمْ وَقِيلَ أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute