بِفَضْلِهَا (وَلْيَغْتَرِفَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْ لِيَأْخُذِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ غَرْفَةً غَرْفَةً مِنَ الْمَاءِ عِنْدَ اغْتِسَالِهِمَا مِنْهُ (جَمِيعًا) أَيْ يَكُونُ اغْتِرَافُهُمَا جَمِيعًا لَا باختلاف أيديهما فيه واحد بَعْدَ وَاحِدٍ
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ تَطْهِيرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِفَضْلِ الْآخَرِ مَمْنُوعٌ سَوَاءٌ يَتَطَهَّرَانِ مَعًا مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كُلٌّ مِنْهُمَا بِفَضْلِ الْآخَرِ أو واحد بَعْدَ وَاحِدٍ كَذَلِكَ لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمَا التَّطْهِيرُ مِنَ الْفَضْلِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَتَطَهَّرَا مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ اغْتِرَافُهُمَا جَمِيعًا لا باختلاف أيديهما فيه واحد بَعْدَ وَاحِدٍ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ تَبْوِيبِ الْمُؤَلِّفِ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ الْإِمَامُ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[٨٢] (وَهُوَ الْأَقْرَعُ) أَيْ عَمْرٌو وَالِدُ الْحَكَمِ هُوَ الْأَقْرَعُ (بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ سَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو حَاجِبٍ يُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ وَلَا أَرَاهُ يَصِحُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو
انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ خَبَرُ الْأَقْرَعِ فِي النَّهْيِ لَا يَصِحُّ
وَاعْلَمْ أَنَّ تَطْهِيرَ الرَّجُلِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَتَطْهِيرَهَا بِفَضْلِهِ فِيهِ مَذَاهِبُ الْأَوَّلُ جَوَازُ التَّطْهِيرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِفَضْلِ الْآخَرِ شَرَعَا جَمِيعًا أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَالثَّانِي كَرَاهَةُ تَطْهِيرِ الرَّجُلِ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَبِالْعَكْسِ وَالثَّالِثُ جَوَازُ التَّطْهِيرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إِذَا اغْتَرَفَا جَمِيعًا وَالرَّابِعُ جَوَازُ التَّطْهِيرِ مَا لَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا وَالرَّجُلُ جُنُبًا وَالْخَامِسُ جَوَازُ تَطْهِيرِ الْمَرْأَةِ بِفَضْلِ طَهُورِ الرَّجُلِ وَكَرَاهَةُ الْعَكْسِ وَالسَّادِسُ جَوَازُ التَّطْهِيرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إِذَا شَرَعَا جَمِيعًا لِلتَّطْهِيرِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ اغْتَرَفَا جَمِيعًا أَوْ لَمْ يَغْتَرِفَا كَذَلِكَ وَلِكُلِّ قَائِلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ دَلِيلٌ يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ حَدَّثَنِي كُلْثُومُ بْنُ عَامِرِ بْنِ الْحَرْثِ قَالَ تَوَضَّأَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ عَمَّته قَالَ فَأَرَدْت أَنْ أَتَوَضَّأ بِفَضْلِ وُضُوئِهَا فَجَذَبَتْ الْإِنَاء وَنَهَتْنِي وَأَمَرَتْنِي أَنْ أُهْرِيقَهَ قَالَ فَأَهْرَقَتْهُ
وَقَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ شُرَيْكٍ عن مهاجر الصائغ عن بن لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَفَعَلَتْ بِهِ مِثْل ذَلِكَ
فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسٍ وَجُوَيْرِيَةُ وَأُمُّ سلمة
وخالفهم في ذلك بن عباس وبن عُمَر قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثْنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَدِينِيِّ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سُؤْر الْمَرْأَة فَقَالَ هِيَ أَلْطَف بَنَانًا وَأَطْيَب رِيحًا حَدَّثْنَا