بِالْأَخَفِّيَّةِ أَوْ بِالنَّقْلِيَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَحَلِّهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُهُ أَرْمَمْتَ فَحَذَفُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ وَهِيَ لُغَةُ بَعْضِ الْعَرَبِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ أَرَمَّتْ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَإِسْكَانِ التَّاءِ أَيْ أَرَمَّتِ الْعِظَامُ (قَالَ) أَيْ أَوْسٌ الرَّاوِي (يَقُولُونَ) أَيِ الصَّحَابَةُ أَيْ يُرِيدُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ (بَلِيتَ فَقَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ مَنَعَهَا وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ لَطِيفَةٌ (أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ مِنْ أَنْ تَأْكُلَهَا فإن الأنبياء في قبورهم أحياء
قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَمَا أَفَادَهُ مِنْ ثُبُوتِ حَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ حَيَاةً بِهَا يَتَعَبَّدُونَ وَيُصَلُّونَ فِي قُبُورِهِمْ مَعَ اسْتِغْنَائِهِمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَالْمَلَائِكَةِ أَمْرٌ لا مرية فيه وقد صنف البيهقي جزأ في ذلك
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَلَهُ عِلَّةٌ دَقِيقَةٌ أَشَارَ إِلَيْهَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ
وَفِي النَّيْلِ بَعْدَ سَرْدِ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا نَصُّهُ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا مَشْرُوعِيَّةُ الْإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ
وقد أخرج بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا بَلَغَنِي صَلَاتُهُ قُلْنَا وَبَعْدَ وَفَاتِكَ قَالَ وَبَعْدَ وَفَاتِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَأَنَّهُ يُسَرُّ بِطَاعَاتِ أُمَّتِهِ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَبْلُونَ مَعَ أَنَّ مطلق الإدراك كالعلم والسماع ثابت سائر الموتى
وقد صح عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ وَفِي رِوَايَةٍ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ وَلِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا إِذَا مَرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرٍ يَعْرِفُهُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَعَرَفَهُ وَإِذَا مَرَّ بِقَبْرٍ لَا يَعْرِفُهُ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْبَقِيعِ لِزِيَارَةِ الْمَوْتَى وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ
وَوَرَدَ النَّصُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي حَقِّ الشُّهَدَاءِ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ وَأَنَّ الْحَيَاةَ فِيهِمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَسَدِ فَكَيْفَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ رَوَاهُ الْمُنْذِرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَرْتُ بِمُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرٍ انتهى