فتقبل روايته إذا صرح بالتحديث وها هنا صَرَّحَ بِهِ فَارْتَفَعَتْ عَنْهُ مَظِنَّةُ التَّدْلِيسِ
وَفِي هَذَا كُلِّهِ رَدٌّ عَلَى الْعَلَّامَةِ الْعَيْنِيِّ حَيْثُ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِأَجْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَهَذَا تَعَنُّتٌ وَعَصَبِيَّةٌ مِنْهُ
وَفِي الْبَابِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيَّةِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ الله الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ قَرْيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطبراني والبيهقي وبن عَدِيٍّ وَضَعَّفُوهُ وَالتَّفْصِيلُ فِي التَّعْلِيقِ الْمُغْنِي عَلَى سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ
قَالَ الْعَيْنِيُّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ كعب أن النبي أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ أَوْ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ
انْتَهَى
وَتَقَدَّمَ آنِفًا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَكَانُوا لَا يَسْتَبِدُّونَ بِأُمُورِ الشَّرْعِ لِجَمِيلِ نِيَّاتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِلَّا بِأَمْرِ النَّبِيِّ
إنتهى
وقال الإمام بن حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْ أَعْظَمِ الْبُرْهَانِ عَلَى صحتها في القرى أن النبي أَتَى الْمَدِينَةَ وَإِنَّمَا هِيَ قُرًى صِغَارٌ مُتَفَرِّقَةٌ فَبَنَى مَسْجِدَهُ فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَجَمَّعَ فِيهِ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَتْ بِالْكَبِيرَةِ وَلَا مِصْرَ هُنَاكَ انْتَهَى
وَهَذَا الْكَلَامُ حَسَنٌ جِدًّا
وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ صَاحِبُ الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أن جمعوا حيث ما كُنْتُمْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ إِسْنَادُ هَذَا الْأَثَرِ حَسَنٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَعْنَاهُ فِي أَيِّ قَرْيَةٍ كُنْتُمْ لِأَنَّ مُقَامَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ إِنَّمَا كَانَ في القرى
وأيضا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنْ جَمِّعُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ قَالَ الْعَيْنِيُّ سَنَدُهُ صَحِيحٌ
وَأَيْضًا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ منصور في سننه وصححه بن خُزَيْمَةَ وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُدُنَ وَالْقُرَى
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْمَدِينَةَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ جَمَّعَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ رسول الله وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَفِي إِسْنَادِهِ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ هَذِهِ وَرِوَايَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ الَّتِي عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّ أَسْعَدَ كَانَ آمِرًا وَكَانَ مُصْعَبٌ إِمَامًا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ وَرُوِّينَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ حِينَ رَكِبَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فِي هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَّ عَلَى بَنِي سَالِمٍ وَهِيَ قَرْيَةٌ بَيْنَ قُبَاءَ وَالْمَدِينَةِ فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى فِيهِمُ الْجُمُعَةَ وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صلاها رسول الله حين قدم