للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: معنى ذلك أن الكفار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقرّوا بأن الله هو الذي رزقهم، ثم ينكرون ذلك بقولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، وأشبهها بتأويل الآية، قول من قال: عنى بالنعمة التي ذكرها الله في قوله: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ} النعمة عليهم بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم إليهم داعيا إلى ما بعثه بدعائهم إليه، وذلك أن هذه الآية بين آيتين كلتاهما خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعما بعث به، فأولى ما بينهما أن يكون في معنى ما قبله وما بعده، إذ لم يكن معنى يدلّ على انصرافه عما قبله وعما بعده، فالذي قبل هذه الآية قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها} [النحل: ٨٢ - ٨٣]، وما بعده {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً} [النحل: ٨٤] وهو رسولها. فإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الآية: يعرف هؤلاء المشركون بالله نعمة الله عليهم يا محمد بك، ثم ينكرونك ويجحدون نبوّتك {وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ} (٨٣) يقول: وأكثر قومك الجاحدون نبوّتك، لا المقرّون بها. اهـ‍ (١).


(١) جامع البيان (١٤/ ١٥٧ - ١٥٨) مختصرا، واستحسن هذا القول النحاس في المعاني (٤/ ٩٩).
* ونظائر ذلك كثير جدا:
١ - منها ما جاء في تفسير قوله تعالى: * إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً [البقرة: ٢٦].
انظر المحرر الوجيز (١/ ١٥١).
٢ - ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ [البقرة: ٢٧] انظر المحرر الوجيز (١/ ١٥٦).
٣ - ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ [البقرة: ٢٩] انظر المحرر الوجيز (١/ ١٦١).
٤ - ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [البقرة: ١١٤] انظر جامع البيان (١/ ٤٩٩).
٥ - ومنها ما جاء في تفسير قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللهُ [البقرة: ١١٨]. انظر -

<<  <  ج: ص:  >  >>