للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله الحسن (١)، والضحاك، وغيرهما.

وقال عكرمة (٢): الشجرة تسبح والأسطوانة لا تسبح. وهو ما كان من نام من حيوان وغيره يسبح حقيقة.

وقيل: إن كل شيء لم يغيّر عن حاله يسبح، فإذا تغيّر انقطع تسبيحه.

وقيل: إن التراب يسبح ما لم يبتل، فإذا ابتل ترك التسبيح، وإن الورقة تسبّح ما دامت على الشجرة، فإذا سقطت تركت التسبيح، ونحو ذلك.

وقيل: إن هذا التسبيح تجوّز، ومعناه إن كل شيء تبدو فيه صنعة الصانع الدالة عليه فتدعو رؤية ذلك إلى التسبيح من المعتبر.

وترى هذه الأقوال كيف خالفت ظاهرالآية، فظاهرالآية يثبت التسبيح حقيقة لكل المخلوقات من حيوانات ناطقة وغير ناطقة، ومن نبات، وجماد، وما لم نعلم من خلق الله - تعالى - على الحقيقة كما يدل عليه ظاهرالآية. فهذا هو القول الصحيح الذي دل عليه ظاهر القرآن.

قال أبو حيان: ونسبة التسبيح للسموات والأرض ومن فيهنّ من ملك وإنس وجن حمله بعضهم على النطق بالتسبيح حقيقة، وأن ما لا حياة فيه ولا نمو يحدث الله له نطقا وهذا هو ظاهر اللفظ‍ اهـ‍ (٣).

وقال الشنقيطي: التحقيق أن تسبيح الجبال والطير مع داود تسبيح حقيقي؛ لأن الله - جل وعلا - يجعل لها إدراكات تسبّح بها.


(١) هو: الحسن بن أبي الحسن البصري، أبو سعيد، مولى زيد بي ثابت، كان إماما كبير الشأن، رفيع الذكر رأسا في العلم والعمل، له «التفسير» رواه عنه جماعة، توفي سنة عشر ومائة. سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٦٣) وطبقات المفسرين (١/ ١٥٠).
(٢) هو: العلامة الحافظ‍ المفسر عكرمة بن عبد الله، أبو عبد الله المدني البربري الأصل، مولى ابن عباس، وهو ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لا تثبت عنه بدعة ولا كذب، توفي سنة أربع ومائة، وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٥/ ١٢)، وطبقات المفسرين (٧/ ٥٤).
(٣) البحر المحيط‍ (٧/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>