للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: ٣١] فلفظ‍ الزينة في هذه الآيات كلها يراد بها ما يزين به الشيء وهو ليس من أصل خلقته كما ترى، وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ‍ الزينة في القرآن، يدل على أن لفظ‍ الزينة في محل النزاع يراد به هذا المعنى، الذي غلبت إرادته في القرآن العظيم، … وبه تعلم أن تفسير الزينة في الآية بالوجه والكفين فيه نظر. اهـ‍ (١).

وبهذا يعلم أن المراد بالزينة هو ما كان خارجا عن أصل خلقتها، وكونها ما لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة هو الصواب الذي دلت عليه الآيات، وجاءت به السنة.

فمن الآيات: قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ} {}

{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩] أي يغطين بها وجوههن وصدورهن، ليتميزن عن غير العفيفات وعن الإماء، فلا يتعرضن إلى أذية من في قلبه مرض (٢).

ومنها: قوله تعالى: {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ}

[الأحزاب: ٥٣] ومنها: قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١].

والأحاديث كثيرة منها: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» (٣) وهذا يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن (٤).


(١) أضواء البيان (٦/ ١٩٩).
(٢) ينظر جامع البيان (٢٢/ ٤٩) وأحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٤٥) والجامع لأحكام القرآن (١٤/ ٢٤٣ - ٢٤٤) وتفسير ابن كثير (٦/ ٤٧٠ - ٤٧١) وأضواء البيان (٦/ ٥٨٦) وما بعدما وغيرها من كتب التفسير.
(٣) أخرجه البخاري من حديث ابن عمر في كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة انظر الصحيح مع فتاوى الباري (٤/ ٦٣).
(٤) مجموع الفتاوى (١٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>