للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد هذه القاعدة فيما قررته قاعدة: «يجب حمل نصوص الوحي على الحقيقة»، وذلك أن القول الذي رجحته هذه القاعدة هو الحقيقة في لفظ‍ «البيوت» على عكس غيره من الأقوال فهي تحمل لفظ‍ البيوت على المجاز، والأصل في الكلام الحقيقة.

قال أبو حيان - بعد أن ذكر سبب نزول الآية -: وهذه أسباب تضافرت على أن البيوت أريد بها الحقيقة، وأن الإتيان هو المجيء إليها، والحمل على الحقيقة أولى من ادعاء المجاز مع مخالفة ما تضافرت من هذه الأسباب. اهـ‍ (١) أي: أسباب النزول.

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا - ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {* وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} [النساء: ٢٤]. اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية:

فقال بعضهم: المراد بالمحصنات هنا المزوجات، والاستثناء في {إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} أي السبايا اللواتي فرق بينهن وبين أزواجهن السّباء.

وقال آخرون: المحصنات المزوجات، والمستثنى هنّ الإماء، فتحرم المزوجات إلا ما ملك منهنّ بشراء أو هبة أو صدقة أو إرث، فإن مالكها أحق ببضعها من الزوج، والبيع والهبة والصدقة والإرث طلاق لها.

وقال آخرون: المحصنات هنّ العفائف، وتأويل الآية على هذا: والعفائف من النساء حرام عليكم، إلا ما ملكت أيمانكم منهن بنكاح أو ملك. فالمعنى على هذا القول تحريم الزنا.

وقال آخرون: المحصنات الحرائر، والمعنى: حرمت عليكم الحرائر إلا ما ملكت أيمانكم أي بنكاح. على جعل الاستثناء متصلا. وأمّا إن كان منقطعا فيكون المعنى:

حرمت عليكم الحرائر إلا ما ملكت أيمانكم، أي بالتسري (٢).


(١) البحر المحيط‍ (٢/ ٢٣٧).
(٢) انظر الأقوال وقائليها في جامع البيان (٥/ ١ - ٦)، والنكت والعيون (١/ ٤٦٩)، وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٩٠)، والمحرر الوجيز (٤/ ٧٦)، والجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٢١)، والبحر المحيط‍ (٣/ ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>