للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولى هذه الأقوال بتفسيرالآية، القول الأول؛ وذلك لما صح في سبب نزولها من حديث أبي سعيد الخدري (١) - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس - وهو واد بديار هوازن (٢) - فلقوا العدو فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم تحرّجوا من غشيانهنّ من أجل أزواجهنّ من المشركين فأنزل الله عز وجل: {* وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} [النساء: ٢٤] (٣).

فهذا سبب نزول الآية صحيح صريح في السببية، مصحح للقول الأول لموافقته له، وقد رجّح هذا القول بهذه القاعدة جماعة من أئمة التفسير، منهم أبو جعفر النحاس (٤)، وابن العربي (٥)، والقرطبي (٦)، والشنقيطي (٧)، ومال إليه ابن كثير (٨)، وابن جزي (٩) وغيرهم - عليهم رحمة الله جميعا -.

قال القرطبي - بعد أن ذكر القول واستدل له بحديث أبي سعيد -: وهذا نص صحيح صريح في أن الآية نزلت بسبب تحرّج أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم عن وط‍ ء المسبيات ذوات الأزواج، فأنزل الله تعالى في جوابهم: {إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} [النساء: ٢٤]


(١) هو: سعد بن مالك بن سنان الخزرجي الأنصاري، مشهور بكنيته، استصغر بأحد واستشهد أبوه بها، وغزا هو ما بعدها، مكثر في رواية الحديث، توفي سنة أربع وسبعين وقيل غير ذلك. الإصابة (٣/ ٨٦).
(٢) هوازن: حي من اليمن يضاف إليه مخلاف باليمن. معجم البلدان (٥/ ٤٢٠).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الرضاع، حديث رقم (٣٣).
(٤) انظر معاني القرآن (٢/ ٥٧).
(٥) انظر أحكام القرآن (١/ ٤٩٣).
(٦) انظر الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٢١).
(٧) انظر أضواء البيان (١/ ٣٨٢).
(٨) انظر تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٣).
(٩) انظر التسهيل (١/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>