للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ومنهم القاضي ابن عطية: ففي معنى «الإثم» من قوله تعالى: {قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ} [الأعراف: ٣٣] قال: قال بعض الناس:

هي الخمر، واحتج على ذلك بقول الشاعر:

شربت الإثم حتى طار عقلي (١)

قال القاضي أبو محمد: وهذا قول مردود؛ لأن هذه السورة مكية، ولم تعن الشريعة بتحريم الخمر إلا بالمدينة بعد أحد؛ لأن جماعة من الصحابة اصطبحوها يوم أحد، وماتوا شهداء وهي في أجوافهم، وأيضا فبيت الشعر يقال إنه مصنوع مختلق، وإن صح فهو على حذف مضاف .. اهـ‍ (٢).

٦ - ومنهم أبو عبد الله القرطبي: قال - في تفسير قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩]-:

قيل: {فَصَّلَ} بيّن، وهو ما ذكره في سورة المائدة من قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] الآية.

قلت -[القائل القرطبي]-: هذا فيه نظر؛ فإن «الأنعام» مكية، و «المائدة» مدنية، فكيف يحيل بالبيان على ما لم ينزل بعد. اهـ‍ (٣).

٧ - ومنهم ابن المنيّر: ففي تفسير قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (١) [المزمل: ١]، حكى الزمخشري قولا مفاده أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في مرط‍ لعائشة يصلي وقت خطابه بهذه السورة.

قال ابن المنيّر - معلقا على هذا القول -: وأما نقله -[أي الزمخشري]- أن ذلك


(١) هذا البيت كما ترى حكى ابن عطية أنه مصنوع، وكذا قال أبو حيان في البحر (٥/ ٤٤)، والسمين في الدر (٧/ ٣٠٥) والبيت في تهذيب اللغة (١٥/ ١٦١)، والصحاح (٥/ ١٨٥٨)، واللسان (١٢/ ٧) مادة «إثم». وفي البحر بدل «طار»، «زل» وعند غيرهما «ضل».
(٢) المحرر الوجيز (٧/ ٤٩ - ٥٠)، وانظر نحو هذا الترجيح بهذه القاعدة (٦/ ٥٦)، (٦٨/ ٨ - ١٩٢ - ٣٠١)، (١٠/ ٥٤)، (١٥/ ٢٣) منه.
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٧٣)، وانظر نحو هذا الترجيح بهذه القاعدة فيه (٩/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>