للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باتفاق أهل السنة (١)، بل جميع ال حم مكيّات، وكذلك آل طس. ومن المعلوم أن عليّا إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد غزوة بدر، والحسن ولد في السنة الثالثة من الهجرة، والحسين في السنة الرابعة، فتكون هذه الآية قدنزلت قبل وجود الحسن والحسين بسنين متعددة، فكيف يفسر النبي صلّى الله عليه وسلّم الآية بوجوب مودة قرابة لا تعرف، ولم تخلق بعد.

الوجه الثامن: أن القربى معرّفة باللام، فلا بد أن يكون معروفا عند المخاطبين الذين أمر أن يقول لهم: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} [الشورى: ٢٣] وقد ذكرنا أنها لمانزلت لم يكن قد خلق الحسن، ولا الحسين، ولا تزوج عليّ بفاطمة. فالقربى التي كان المخاطبون يعرفونها يمتنع أن تكون هذه، بخلاف القربى التي بينه وبينهم، فإنها معروفة عندهم. اهـ‍ (٢).

وقال الحافظ‍ ابن كثير: وذكر نزول هذه الآية في المدينة بعيد، فإنها مكيّة ولم يكن إذ ذاك لفاطمة أولاد بالكلية، فإنها لم تتزوج بعلي إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة.

والحق تفسيرالآية بما فسرها به الإمام حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، كما رواه عنه البخاري (٣). اهـ‍ (٤).


(١) ومن قال إنها مكية إلا أربع آيات من قوله تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً [الشورى: ٢٣] اعتمدوا على آثار ضعيفة من رواية الكلبي وأمثاله من الضعفاء والمتروكين، وقد ضعفها وضعّف قول من استند إليها الأئمة كالحافظ‍ ابن كثير في تفسيره (٧/ ١٨٩)، والحافظ‍ ابن حجر في الفتح (٨/ ٤٢٧)، والشوكاني في تفسيره (٤/ ٥٣٦) وغيرهم.
وحكي الإجماع على أن جميعها مكي كما ترى في كلام شيخ ألاسلام. وقال ابن عطية (١٤/ ٢٠١) هذه السورة مكية بإجماع من أكثر المفسرين اهـ‍.
(٢) منهاج السنة (٧/ ٩٩ - ١٠٣).
(٣) هو: إمام الدنيا وحافظ‍ الزمان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أمير المؤمنين في الحديث، وصاحب أصح كتاب مصنّف، علم مشهور. توفي سنة ست وخمسين ومائتين.
انظر سير أعلام النبلاء (١٢/ ٣٩١).
(٤) تفسير القرآن العظيم (٧/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>