للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديث في معنى القول الذي رجحته القاعدة السابقة فهو - أيضا - مرجّح له.

ومن القواعد التي دلت على ترجيح هذا القول قاعدة «القول الذي تؤيده قرائن في السياق فهو مرجّح على ما خالفه».

قال العلاّمة الشنقيطي: وقوله: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ} من القرائن الدالة على ترجيح ما اختاره ابن كثير من أن «الإمام» في هذه الآية كتاب الأعمال اهـ‍ (١).

وقال الطاهر بن عاشور - بعد أن فسّر قوله: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ}

-: وفرّع على هذا قوله: {فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ} تفريع التفصيل لما أجمله قوله: {نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ،} أي ومن الناس من يؤتى كتابه، أي كتاب أعماله بيمينه اهـ‍ (٢).

وآخر هذه الوجوه التي ترجح هذا القول أنه قول حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -.

وذهب الإمام الطبري إلى ترجيح القول بأن «الإمام» هو الذي كانوا يقتدون به، ويأتمون به في الدنيا.

وعلل ترجيحه هذا بقوله: لأن الأغلب من استعمال العرب الإمام فيما ائتمّ واقتدى به، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر أولى، ما لم يثبت حجة بخلافه يجب التسليم لها اهـ‍ (٣).

وهذه القاعدة التي استعملها الطبري في الترجيح هنا من القواعد المشتهرة عنده، وقد سبق الكلام عليها وهي قاعدة: «يجب حمل كلام الله - تعالى - على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر».


(١) أضواء البيان (٣/ ٦١٧).
(٢) التحرير والتنوير (١٥/ ١٦٨).
(٣) جامع البيان (١٥/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>