للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن القواعد التي يشهد فيها الإجماع لأحد الأقوال قاعدة: «تفسير جمهور السلف مقدم على كل تفسير شاذ» وهو ما يعرف عند ابن جرير الطبري بإجماع الحجة، وسيأتي بيان معنى الشذوذ في القاعدة.

ومن القواعد التي يشهد فيها السياق لأحد الأقوال قاعدة: «إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عن ذلك». وغيرها من القواعد.

فمن تنازع قاعدة أثرية، وقاعدة لغوية، تنازع قاعدة: «إذا صح سبب النزول الصريح فهو مرجّح لما وافقه من أوجه التفسير» مع قاعدة. «يجب حمل كلام الله على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر» في تفسير قوله: {وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ} [النساء: ٢٢]، فقاعدة سبب النزول ترجّح أن {ما}

في الآية موصولة واقعة موقع «من»، وعلى مذهب من لا يجيز ذلك هي كذلك اسم موصول واقعة على أنواع من يعقل كما في قولي تعالى {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} [النساء: ٣] فهي مفعول لقوله: {وَلا تَنْكِحُوا،} والمعنى: ولا تنكحوا النساء اللاتي نكحهن آباؤكم؛ وذلك لما جاء في سبب نزولها أنه لما توفى أبو قيس بن الأسلت (١) خطب ابنه قيس (٢) امرأة أبيه فقالت: إني أعدّك ولدا، ولكني آتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أستأمره فأتته فأخبرته فأنزل الله - تعالى - هذه الآية (٣).

وهذا النوع من النكاح الجاهلي كان موجودا معروفا عند العرب في الجاهلية.


(١) مشهور بكنيته، واختلف في اسمه فقيل: صيفي، وقيل: الحارث، وقيل: غير ذلك واسم الأسلت عامر بن جشم الأوسي، كان في الجاهلية من أوصف الناس لدين الحنيفية، مختلف في إسلامه، توفي في السنة الأولى من الهجرة. الإصابة (٧/ ١٥٨).
(٢) قيس بن صيفي بن الأسلت بسببه نزلت آية: وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ الإصابة (٥/ ٢٥٧).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم - في تفسيره تفسيرسورة النساءآية: ٢٢ (٣/ ٩٠٩)، وانظر تفسير ابن كثير (٢/ ٢١٤) - وأسباب النزول للواحدي ص ١٤٨، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٤٦٨) وعزاه إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي، وضعّفه الحافظ‍ ابن حجر في الإصابة (٥/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>