للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي قاله مسروق (١) في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل؛ لأن قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ} في سياق توبيخ الله - تعالى - ذكره مشركي قريش، واحتجاجا عليهم لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجّه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دلّ على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدّم الخبر عنهم معنى، غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأن ذلك عني به عبد الله بن سلام (٢) وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل وما أريد به، فتأويل الكلام، إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبا عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي. اهـ‍ (٣).

ومن تنازع القواعد للمثال الواحد، تنازع قاعدة: «تفسير جمهور السلف مقدم على كل تفسير شاذ» وهو ما يعرف عند ابن جرير الطبري بإجماع الحجة، وقاعدة:

«يجب حمل نصوص الوحي على العموم»، في تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ} (٤٠) [ق: ٤٠]. ذهب جماهير المفسرين إلى أن المراد بها ركعتان بعد المغرب. وذهب ابن زيد (٤): إلى أنها النوافل في أدبار المكتوبات.


(١) هو: ابن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي، الإمام القدوة العلم، حدّث عن جمع من الصحابة كأبيّ وعمر ومعاذ وغيرهم - رضي الله عنهم -، كان عالما بالفتوى، توفي سنة ثلاث وستين، سير أعلام النبلاء (٤/ ٦٨).
(٢) هو: عبد الله بن سلام بن الحارث أبو يوسف الإسرائيلي الأنصاري، الإمام الحبر، المشهود له بالجنة، من خواص أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، أسلم أول ما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة وقيل تأخر، توفي سنة ثلاث وأربعين، سير أعلام النبلاء (٢/ ٤١٣) والإصابة (٤/ ٨٠).
(٣) جامع البيان (٢٦/ ١٢).
(٤) هو: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المدني، من أتباع التابعين، روى عن أبيه وابن المنكدر، قال أبو -

<<  <  ج: ص:  >  >>