للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري - بعد أن حكى القولين السابقين مضمنا كلامه تنازع القاعدتين والترجيح بينهما -: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، ولولا ما ذكرت من إجماعها عليه، لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن زيد؛ لأن الله - جلّ ثناؤه - لم يخصص بذلك صلاة دون صلاة، بل عمّ أدبار الصلوات كلها، فقال: وأدبار السجود، ولم تقم بأنه معنيّ به: دبر صلاة دون صلاة، حجة يجب التسليم لها من خبر ولا عقل. اهـ‍ (١).

فقواعد السنة النبوية وإجماع السلف وجماهيرهم مقدم على قواعد السياق وقواعد اللغة وغيرها.

وقواعد العموم مقدمة على قواعد السياق وغيرها، فقواعد العموم أقوى من قواعد السياق (٢) فتخصيص العام يكون بالقرآن أو السنة أو إجماع الأمة.

ومن تنازع قواعد الضمائر مع بعضها - وهو كثير - تنازع قاعدة: «توحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد أولى من تفريقها»، وقاعدة: «الأصل إعادة الضمير إلى أقرب مذكور»، مع قاعدة: «إعادة الضمير إلى المحدث عنه أولى من إعادته إلى غيره» فكثيرا ما تتنازع هذه القواعد المثال الواحد - وإن كانت أحيانا تتفق وتتعاضد في ترجيح أحد الأقوال - فإذا تنازعت فقاعدة المحدث عنه هي المقدّمة، لأجل ارتكازها على المعنى وموارد الكلام، أما قاعدة: «توحيد مرجع الضمائر»، وقاعدة: «الأصل إعادة الضمير إلى أقرب مذكور» فملحوظ‍ فيهما جانب النظم والأسلوب، وتقديم المعنى أولى.


= حاتم: كان في نفسه صالحا وفي الحديث واهيا. اهـ‍ له «التفسير» و «الناسخ والمنسوخ». مات سنة ثنتين وثمانين ومائة. انظر سير أعلام النبلاء (٨/ ٣٤٩)، وطبقات المفسرين (١/ ٢٧١).
(١) جامع البيان (٢٦/ ١٨٢).
(٢) انظر ترجيح قاعدة: «يجب حمل نصوص الوحي على العموم … » على قاعدة: «إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى … » في جامع البيان (٢٨/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>