للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد هذه القاعدة فيما رجحته، قاعدة «توحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد أولى من تفريقها».

وذلك أن ضمير «أن اقذفيه» قبل المختلف فيها عائد إلى موسى - عليه السلام - بلا خلاف، وكذلك ضميرا «يأخذه» و «له» بعد المختلف فيها راجعة إلى موسى عليه السلام بلا خلاف.

فإلحاق الضمائر المختلف فيها بما اتفق عليها أولى وأحسن، لما في توحيد مرجع الضمائر جميعا في السياق من المحافظة على اتساق النظم (١).

قال الزمخشري: والضمائر كلها راجعة إلى موسى، ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة؛ لما يؤدي إليه من تنافر النظم. فإن قلت: المقذوف في البحر هو التابوت، وكذلك الملقى إلى الساحل، قلت: ما ضرك لو قلت المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن، والقانون الذي وقع عليه التحدي ومراعاته أهم ما يجب على المفسر اه‍. (٢).

وقال الشنقيطي - في تفسير هذه الآية، مرجحا بهذه القاعدة فيها -: والصواب رجوعه -[أي الضمير]- إلى موسى في داخل التابوت؛ لأن تفريق الضمائر غير حسن. اه‍ (٣).

أما من رجح القول الأول، فاعتمد على قاعدة: إعادة الضمير إلى أقرب مذكور - سيأتي بسطها إن شاء الله - والتابوت أقرب مذكور. فأصبح هذا من تنازع القواعد المثال الواحد، وقد سبق بسطة في مبحث تنازع القواعد من مباحث التمهيد، وسيأتي التنبيه عليه في الأدلة التي تصرف الضمير من القريب إلى البعيد.


(١) انظر حاشية زاده على البيضاوي (٣/ ٣١٤).
(٢) الكشاف (٢/ ٥٣٦).
(٣) أضواء البيان (٤/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>