للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى مخلوف الشريف: يرجع نسبه إلى جدنا الشيخ عمر مخلوف الآتي ذكره. قرأ هو وأخوه أبو عبد الله محمَّد القرآن العظيم بالمنستير ثم توجها للحاضرة بقصد قراءة العلم الشريف فأما أبو عبد الله محمَّد فأخذ القراءات وختمه بالسبع عن الشيخ المكني وغيره وأتقنه غاية رواية ودراية وأجازه في ذلك وله مشاركة في النحو والفرائض وبراعة في الخط والإنشاء وكان شعلة في الذكاء من أعيان العدول المبرزين ملازماً لتلاوة القرآن إلى أن توفي في ذي الحجة سنة ١٣١٤هـ[١٨٩٦م].

١٦٧٥ - وأما أبو العباس: صاحب الترجمة فكان علامة متفنناً في العلوم جامعاً لشوارد المنطوق والمفهوم بارعاً في المنظوم والمنثور غير أن نثره أجل من نظمه. له ملكة تامة في التوحيد والحديث والفقه واللغة والنحو والتوثيق مع المشاركة الحسنة في غيرها لا سيما الأدب ويكاد يكون حافظاً لعمدة ابن رشيق وديوان المتنبي إلى براعة في الخط والرسم. أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمَّد بن سلامة والمحدث جار الله الشيخ عبد الله الدراجي والشيخ محمَّد البنا وتولى الإشهاد سنة ١٢٦٦هـ ثم الفتيا بالمنستير سنة ١٢٨٤هـ وامتحن بالإبعاد لطرابلس وأقام هناك سنين وذلك في اتهامه مع جماعة من أعيان رجال الدولة بالتداخل في نازلة خروج المولى العادل باي عن طاعة أخيه المشير محمَّد الصادق باشا باي ولما انتهت تلك النوبة وتقرر الرجوع والأوبة إلى المنستير مسقط رأسه ومجمع أهله وأنسه قدم إليها ثم صدر له ظهير في سنة ١٢٩٨هـ بتجديد أمر الفتيا بها وتصدر للتدريس بالمدرسة الخليفية فاجتهد وأبدع وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة منهم الشيخ المفتي بالمنستير حسن الخيري المتوفى سنة ١٣٣٤هـ وكان له قلم بارع في الفتوى وتنزيل الفقه على الجزئيات وفتاويه تدل على سعة الاطلاع وطول الباع حكى لي ابنه المذكور أنها مدونة محفوظة عنده كما حكى أنه كثيراً ما تجري بينه وبين والده مساجلات في أغراض شتى يقصد بها تمرينه على الأدب والوقوف على كلام العرب من ذلك أنه أمره يوماً أن يراجع له لفظ البهكن من القاموس قال: فأخذته وتلوت عليه عبارته وهي قوله البهكن كجعفر الشاب الغض وهي بهاء فقال دع هذا وقيل شيئاً تضمنته هاته الكلمة فقلت "هذا الأغن البهكن" فقال على البديهة "وصاله لا يمكن" فقلت "بي قد تمكن حبه" فقال "وسلوه لا يحسن" قلت: وقد كنت ميالاً للأدب ونظم الشعر وتتبع كلام العرب ثم اجتمعت به وسألني رحمه الله عن دروسي فأجبته عنها ومنها الأدب وقول الشعر فأجابني دع الشعر فإن سوقه غير نافق واجتهد في العلوم الشرعية المفيدة دنيا وأخرى فوقع مني كلامه موقعاً وتركت الشعر بتاتاً. توفي عن سن يناهز الثمانين سنة ١٣٢٣هـ[١٩٠٥م].

<<  <  ج: ص:  >  >>