إمامهم وسلطانهم فهو مخالف للحق قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود فروي أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة فقال: عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - على ضلالة واصبر حتى تستريح أو يستراح من جائر، وقال: وإياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة. وقال ابن مسعود: عليكم بالسمع والطاعة فإنها الحبل الذي أمر به ثم قبض يده وقال: إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة. وعن الحسين قيل له: أبو بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي والذي لا إله إلا هو مما كان ليجمع أمة - صلى الله عليه وسلم - ضلالة. فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ومَن سواهم داخلون في حكمهم لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم فكل مَن خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة لم يدخلوا في سوادهم بحال.
الثاني: إنها جماعة أئمة العلماء المجتهدين فمن خرج عما عليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية لأن جماعة الله العلماء جعلهم الله حجة على العالمين وهم المعنيون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن تجتمع أمتي على ضلالة" وذلك أن العامة عنها تأخذ دينها وإليها تفزع في النوازل وهي تبع لها فمعنى قوله "لن تجتمع أمتي" لن يجمع علماء أمتي على ضلالة وممن قال بهذا عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وجماعة ممن سلف وهو رأي الأصوليين، قيل لعبد الله بن المبارك: مَن الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم؟ فقال: أبو بكر وعمر، ولم يزل يحسب حتى انتهى إلى محمَّد بن ثابت الحسين بن واقد فقيل: هؤلاء ماتوا فمن الأحياء؟ فقال: حمزة العسكري، فعلى هذا القول لا مدخل في النوازل بل في السؤال عمن ليس بعالم مجتهد لأنه داخل في أهل التقليد فمَن عمل منهم بما يخالفهم فهو صاحب الميتة الجاهلية ولا يدخل أيضاً أحد من المبتدعين لأن العالم لا يبتدع وإنما يبتدع مَن ادعى لنفسه العلم وليس كذلك ولأن البدعة قد أخرجته عن نمط من يعتمد بأقواله وهذ بناء على القول بأن المبتدع لا يقتدى به في الإجماع وإن قال بالاقتداء به ففي غير المسألة التي ابتدع لأنهم في نفس البدعة مخالفون للإجماع فعلى كل تقدير لا يدخلون في السواد الأعظم رأساً.