في أقطار المغرب غرباً وشرقاً وجنوباً، فأغاروا من جهة الجنوب على إقليم بين أسنة المعروف ببلاد النخل أو الجريد ومن الشمال والغرب على إقليمي نوميدايا وموريتانيا في الجزائر ثم بلاد فاس ومراكش المعروفة بموريتانيا الطنجية وهكذا حتى انقادت لهم البلاد إلى بوغاز جبل طارق ودفع أهلها لهم الجزية التي كانوا يؤدونها لقيصر الروم كما ذلك في خلاصة تاريخ العرب. أما مؤرخو الإِسلام فقد اختصروا أخبار هذا الفتح وذكروا الصلح الذي عرضه عظماء إفريقية على ابن سعد وهو أن يعطوه ثلاثمائة قنطار من الذهب أي مليونين وخمسمائة ألف دينار ونيفاً فقبل ذلك منهم وأرسل ابن الزبير بالفتح والخمس إلى أمير المؤمنين عثمان فاشتراه مروان بخمسمائة ألف دينار، ولما أصاب ابن سعد من إفريقية ما أصاب ورجع إلى مصر جهز قسطنطين بن هرقل أمبراطور القسطنطينية أسطولاً كبيراً مؤلفاً من ستمائة مركب أراد أن يهاجم به الإسكندرية على قول ابن خلدون وابن الأثير لم يذكر الجهة التي كان يريدها قسطنطين والظن أنه كان يريد إفريقية بدليل التجاء الأمبراطور إلى جزيرة صقلية بعد انكساره في هذه الغزوة وهي قريبة من تونس، ولما بلغ المسلمين خروج هذا الأسطول خرج لملاقاته في البحر أسطولان أسطول من الإسكندرية مع عبد الله بن سعد وأسطول من سورية مع معاوية بن أبي سفيان والتقيا معه في عرض البحر فقرنوا السفن إلى بعضها واقتتلوا قتالاً شديداً حتى استحر القتل فانهزم قسطنطين جريحاً إلى صقلية بما بقي معه من الروم ولما علم أهل صقلية فراره قتلوه وسمى المسلمون هذه الغزوة غزوة ذات الصواري والمكان كذلك لكثرة ما كان فيها من الصواري، ثم إن الأمبراطور فونستانس الثاني غضب على أهل إفريقية لما أعطوه من المال لابن سعد لأنه أكثر مما كانوا يعطوه لأمبراطورة الروم واغتنم فرصة اضطراب المسلمين وانقسامهم في التنازع على الخلافة فأرسل من قبله بطريقاً ليأخذ منهم مثله فأبوا فقاتلهم وطرد البطريق الذي ولوه عليهم من قبل المسلمين بعد جرجير فالتجأ إلى معاوية بن أبي سفيان وقد كان اجتمع له الأمر فنصره وبعث جيشاً أميره معاوية بن حديج بالحاء المهملة مصغراً الكندي له صحبة ورواية ووفادة وذلك سنة ٤٥ هـ لتدويخ البلاد وطرد الروم عنها ثانية ولما وصل الجيش إفريقية انتشب القتال بينه وبين جيش العدو قرب قصر أجم وكان النصر حليف المسلمين، وبعد هذا الفوز بعث معاوية بن حُديج عبد الله بن الزبير لسوسة ففتحها وفتح بنزرت وجلولا ووجه أسطولاً مهولاً لصقلية وغنم غنائم كثيرة ثم رجع معاوية لمصر بعد أن خلّد آثاراً حسنة وعزله الخليفة معاوية عن إفريقية وأقره على مصر ثم عزل عن مصر سنة ٥١ هـ وتوفي بها في السنة بعدها. أخرج ابن عبد الحكم عن سليمان بن سفيان قال: