البيتَ دخلتُه. فإن قلت: دخلت فيه، قيل: هذا كقوله: عبد اللَّه نصحت له ونصحته. ألا ترى أن (دخلت) إنما عمل فعلته وأوصلته إلى الدار، لا يمتنع منه مثل ما كان من الدار تقول؛ دخلت المسجد. قَالَ تَعَالَى:(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) فهو في التعدي كقولك: عمرت الدار، وأصلحت الدار. قال سيبويه: وقد قال بعضهم: ذهبت الشام شبهه بالمبهم، إذا كان مكانا يقع عليه المكان والمذهب. وهذا شاذ لأنه ليس في (ذهب) دليل على الشام وفيه دليل على المذهب والمكان، ومثل ذهبت الشام، دخلت البيت، وفي المقتضب: قال سعيد بن سعيد الفارقي؛ فأما دخلت فإنها عند سيبويه لا تتعدى وإن قولهم: دخلت البيت إنما هو على حذف حرف الجر
كأنه أراد: دخلت إلى البيت وفي البيت، وقال سيبويه: وحذف حرف الجر تخفيفا لما كثر استعماله إذا لم يؤدِّ التخفيف إلى لبس وإشكال ولم يطرق على فساد ومحال، وقال أيضا: وما حذف في الكلام لكثرة استعمالهم كثير ومثاله أمرتك الخير أراد: أمرتك بالخير.
حذف حرف الجر فيه دليل آخر وهو أنا نقول: دخلت في الأمر ودخلت في السلم وما جرى مجراه، ولا يجوز حذف حرف الجر وإنَّمَا يحذف في الظروف، فلو كان متعديا لجاز أن يتعدى إلى هذا بغير حرف وفعل (نادى) يأتي لازما ويأتي متعديا فاللازم (إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا