نعم وصاة الإنسان بالإحسان وسيلة تربوية: سألناه وطالبناه إحسانا بوالديه.
فالولاء واللين والوجه السمح يحتاج إلى قلب كبير.
الوداعة والسكنية والكلمة الطيبة والصوت الخفيض والبسمة الحانية بحاجة إلى ممارسة طويلة.
التذلل لا عن ضعف بل عن حب تفيض به النفس على الجوارح فإذا هو خفيض الجناح ... هذا التوازن لا يكون إلا بأن يأخذ التعليم طريقه إلى مسارب النفس ودروبها وأشواكها حتى تصل إلى درجة تخرج عن دائرة التربية والتعليم إلى ما هو أعلى ... إلى الإيمان ... إلى درجة الإحسان.
وربط الجار والمجرور (بوالديه) بالإحسان أكشف لمزيّة المراد وأبهر من ربطها بـ (وصَّى) فالموصى بهما منوطان بالإحسان والإجلال والإلطاف، لا بالوصاة الخاوية من الظلال، ودليل آخر قول يوسف عليه السلام:(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي) فمن كمال عبوديته جاء بالباء لتفصح عما غمره به مولاه من الإحسان، يمسه، يرتديه، يتقلب في أعطافه. فالحرف عبَّر عن رصيد الجميل والإحسان المذخور في نفسه وقد وهم الآلوسي حين منع تعدي الإحسان بالباء ومنع قوم تقديم معمول المصدر عليه والصحيح أنه يجوز إذا كان ظرفا أو جاراً ومجروراً.
وأخيرا أقول: الوصاة إشارة تُغني عن العبارة لمن هو في المستوى الإنساني الشفيف. وصلة الوصاة بالإحسان من أكبر غايات الأداء التربوي