للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أمثلة التضمين في الفعل قوله تعالى (١): ((وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم)). الفعل (خلا) يتعدى بالباء تقول: خلا به أي: انفرد. ولعل تضمين (خلا) (٢) معنى ارتاح إليه وسكن أقرب إلى السياق، فخلوُّهم إلى بعض يجدون فيه السكينة والطمأنينة والارتياح، وفي خلواتهم هذه ما شئت من وسائل الكيد والفتنة.

كما يكون التضمين في الأسماء نحو قوله تعالى (٣): ((من أنصاري إلى الله)) فقد ضمن النصرة معنى الولاء أو التوجه أو القصد. أما التضمين في الحروف فقد رفضه الباحث واستقبحه واستضعفه.

وقد جاء القسم التطبيقي محصوراً في القرآن الكريم وفق عنوان الرسالة، بيد أننا كنا نتمنى أن يعرج على أنواع السماع الفصيح الأخرى، فيستقي لنا نماذج وافية من الحديث الشريف - لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتي من الفصاحة وجوامع الكلم وطرق البيان - ونماذج من الشعر العربي وأقوال العرب وأمثالهم وخطبهم ومنثور الفصحاء والبلغاء وذلك ليدعم مذهبه الذي دافع عنه من ناحية، ولإثبات استعمال العربية لها من ناحية ثانية.

وأما عنوان الكتاب فنحن نرى أن فيه نظراً، وذلك لأن قوله ((التضمين النحوي)) يشير إلى قضايا ومسائل تتصل بالنحو العربي من خلال أبوابه المعروفة، ثم يتبين لنا أن القضية محصورة في تضمين الفعل معنى فعل آخر أو في تعدي الأفعال إلى حروف جر معينة، فالموضوع الذي يطرحه يتصل بدلالاتها ومعانيها وما تستحقه من حروف جر، وما تحتمله من خلال السياق، ويبدو أن الدكتور فاضل لحظ هذا في خاتمة بحثه، واقترح أن يكون عنوان طبعة الكتاب الثانية: ((ظاهرة التضمين في القرآن الكريم))، وهذا العنوان في الحقيقة أنسب وأوعب بمضمون الكتاب ومناقشاته، كما نأمل أن يستوفي في الطبعة التالية التوثيقات العلمية في حواشي الكتاب وتحرير الاقتباسات والأقوال من مضانّها الأصلية، والإشارة إلى ذلك، ليستكمل منظومة المنهج العلمي في التعامل مع المصادر.


(١) سورة البقرة الآية: ٧٦
(٢) التضمين النحوي: ٣٦٢
(٣) سورة آل عمران الآية: ٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>