إن الفكر باعتماده على الهوية المجردة للحرف أو الأداة أو اللفظ دون ربطه بالنص، وبواقع له زمان ومكان، وبظروف اجتماعية وتاريخية ونفسية معينة، ينتهي إلى تأملات مجردة، وهذا من مخاطر العقلية المثالية.
لقد كشفت دراسة الألفاظ والأدوات منعزلة عن سياقها أنها فقيرة حين نتناولها في منظور عقلي صِرف، إنها تنفر من التجريد تتعامل مع واقع بذاته، مع وسط اجتماعي أو سياسي أو دعوي ... فهي تحتاج إلى جداول إحصائية وتحليل لنمط تطورها. هذا فعل علم يأتي متعديا بـ (مِن) في هاتين الآيتين: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)(إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) في الأولى تضمن معنى الكشف فاللَّه يعلم، ولكن يريد أن يكشف للناس ... وفي الثانية تضمن معنى الفَرْز.
لنقف مع فعل (أرسل) في الوسط الذي يتحرك فيه، والدور الذي يُؤديه مع مجموعة من حروف المعاني: