وقال ابن النحاس في التعليقة: الفرق بين المضمن معنى الحرف وغير المضمن، أن المضمن معنى الحرف لا يجوز إظهار الحرف معه في ذلك المكان، وغير المضمن يجوز إظهار الحرف معه كما إذا قلنا في الظرف إنه يراد فيه معنى (في) فإنا لا نريد به أن الظرف متضمن معنى (في)، كيف ولو كان كذلك لبني وإنما تعني به أن قوةَ الكلام، قوةُ كلام آخر في ظاهره، وكذلك يجوز إظهار (في) مع الظرف فتقول: (خرجت يوم الجمعة) أي خرجت في يوم الجمعة، ولا تقول في أين وكيف مثلا: هل أين ولا أأين ولا هل كيف، ولا أكيف.
وقال السعد: حقيقة التضمين أن يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه. ثم قال: إن الفعل المذكور مستعمل في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية، فقولنا: أحمد إليك فلاناً: أحمده مُنْهِيا إليك حمده، وقول اللَّه تعالى:(يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى) أي يقلبها نادما على. فالفعل المتروك وهو المضمن يعتبر قيدا للمذكور.
واعتُرض عليه بأن في كلامه تناقضا لأن قوله:(مع فعل آخر يناسبه) غير ملائم لقوله: (مع حذف حال) أي اسم لا فعل.
وقال السيد: من شأنهم أنهم يضمنون الفعل معنى فعل آخر فيُجرونه مجراه. فيقولون هيجني شوقاً فعدي إلى مفعولين بنفسه، وإن كان هو يتعدى إلى الثاني بـ (إلى). يقال: هيجه إلى كذا، لتضمنه معنى ذكَر. فإن قلت: إذا كان اللفظ مستعملا في المعنيين معا كان جمعا بين الحقيقة والمجاز، وإن كان مستعملا في أحدهما فلم يقصد به الآخر، فلا تضمين. قلت: هو مستعمل