في معناه الحقيقي فقط والمعنى الآخر مراد بلفظ محذوف يدل عليه ذكر ما هو من متعلقاته، فتارة يجعل المذكور أصلا في الكلام والمحذوف حالا كما في قوله تعالى:(وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) كأنه قيل: ولتكبروا اللَّه حامدين على ما هداكم. وتارة يجعل المحذوف أصلا والمذكور مفعولا كما مر من المثال، أو حالا كما يشير إليه قوله: يعترفون به، فإنه لا بد حينئذٍ من تقدير الحال: يعترفون به مؤمنين وإلا لم يكن تضمينا بل مجازا عن الاعتراف.
فاللفظ مستعمل في معناه الأصلي، وهو المقصود أصالة، لكن قصد بتبعيته معنى آخر يناسبه من غير أن يستعمل فيه ذلك اللفظ، ويقدر له لفظ آخر فلا يكون من الكناية ولا الإضمار بل من الحقيقة التي قصد منها معنى آخر يناسبها ويتبعها في الإرادة وحينئذٍ يكون واضحا بلا تكلف. اهـ.
وقال ابن جني: اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعدى بحرف والآخر بآخر، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه
بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه وذلك كقوله: رفثت إلى المرأة إنما تقول: رفثت بها أو معها، لكن لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي أفضيت بـ (إلى)، جئت بـ (إلى) مع الرفث إيذانا وإشعارا أنه بمعناه، وكما جاؤوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان فيه معناه نحو قوله: وإن شئتم تعاودنا عوادا ومنه قول اللَّه تعالى: (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) وكذلك قوله تعالى: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي مع اللَّه وأنت لا تقول سرت إلى