للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون فيها قرابتي، ولم أفعله كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: صدق، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وفي «الاستيعاب» (٣١٥) عن حاطب بن أبي بلتعة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية فجئت بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله، وأقمت عنده ليالي ثم بعث إليّ وقد جمع بطارقته فقال: إني سأكلّمك بكلام أحبّ أن تفهمه مني، فقال: قلت: هلمّ، قال:

أخبرني عن صاحبك أليس نبيا؟ قلت: بلى هو رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلدته إلى غيرها؟

فقلت له: فعيسى بن مريم أتشهد أنه رسول الله؟ فما له حيث أخذه قومه فأرادوا صلبه أن لا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حتى رفعه الله في السماء «١» الدنيا؟

قال: أحسنت، أنت حكيم جاء من عند حكيم، هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد، وأرسل معك من يبلّغك إلى مأمنك، قال: فأهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهن أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخرى وهبها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أبي جهم بن حذيفة العدوي، وأخرى وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري، وأرسل إليه بثياب وطرف من طرفهم. ومات حاطب سنة ثلاثين بالمدينة، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلّى عليه عثمان. انتهى.

فائدتان لغويتان:

الأولى: في «ديوان الأدب» (٢: ٣٢) أبو بلتعة من كنى الرجال بفتح الباء والتاء وسكون اللام على وزن فعللة.


(١) م ط: سماء.

<<  <   >  >>