في «الاكتفاء»(٢: ٢٩٧) في فتح مكة: ولما انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقّة برد حبرة، وإنه ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن عثنونه ليكاد يمسّ واسطة الرحل، ولما وقف هناك قال أبو قحافة- وقد كفّ بصره- لابنة له من أصغر ولده:
أي بنية اظهري على أبي قبيس، فأشرفت به عليه فقال: أي بنية ماذا ترين؟ قالت:
أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل، قالت: أرى رجلا يسعى بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا، قال: أي بنية ذلك الوازع، يعني: الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت: قد والله انتشر السواد، فقال: قد والله إذن دفعت الخيل فاسرعي بي إلى بيتي، فانحطّت به. وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته، وفي عنق الجارية طوق من ورق فيلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد، أتى أبو بكر الصديق بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك من أن تمشي إليه، فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال: أسلم، فأسلم، ورآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأن رأسه ثغامة فقال: غيّروا هذا من شعره. ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال: أنشد الله والإسلام طوق أختي، فلم يجبه أحد، فقال: أي أخيّة، احتسبي طوقك فوالله إن الأمانة اليوم في الناس لقليل. انتهى.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: في «الصحاح»(٣: ١٢٩٧) وزعته أزعه وزعا: كففته، فاتّزع هو أي