الفصل السادس في عقده صلّى الله عليه وسلم لأمراء البعوث والسرايا وذكر أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الإسلام، ولمن عقدت، وأنسابهم وأخبارهم
[ذكر أول راية عقدت ولمن عقدت]
«١» : قال ابن إسحاق في «السير»(١: ٥٩١- ٥٩٢) أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد رجوعه من غزوة الأبواء بالمدينة بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول، يعني من السنة الثانية من الهجرة، وبعث مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنيّة المرة، فلقي بها جمعا عظيما من قريش فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قد رمى يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمي به في الإسلام ثم انصرف القوم عن القوم.
قال ابن إسحاق (١: ٥٩٥- ٥٩٦) فكانت راية عبيدة- فيما بلغنا- أول راية عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين، وبعض العلماء يزعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من الأبواء، وقبل أن يصل إلى المدينة، وبعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعا للفريقين جميعا، فانصرف بعض القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال.
قال: وبعض الناس يقول: كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلّى