للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمسيلمة، ولا يجدون إليه سبيلا لشرفه وطاعة قومه له. ولما ظهر من أمر الردة ما ظهر كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: أما بعد فإنما أهل اليمامة خرجوا من ذمّة الله ورسوله، ومن يخرج منها يخذل، وإني لست فيهم بذي براءة فأعتذر ولا لي فيهم قوة فأنتصر، ولكني لا أزال أقوم فيهم مقاما يطول لي فيه اللسان، وتقصر عني فيه اليد، أفكّ به العاني وأردّ به المرتاب، والناس فينا ثلاثة أصناف: كافر مفتون، ومؤمن مقهور «١» ، وشاكّ مغتوم، ولم ينف البلاء عنهم إلا بلوغ الكتاب، ولكلّ أجل كتاب، وبعث معه شعرا: [من البسيط]

أغوى حنيفة شرّ الناس كلّهم ... دخلا وأكذب من يحفى وينتعل

[إني بريء إلى الصديق معتذر ... مما مسيلمة الكذاب ينتحل]

إني إليكم بريء من جريمته ... تجري بذلك مني الكتب والرسل

إني وناسا قليلا من عشيرته ... عمي العيون وفي أسماعنا ثقل

عمّا يزخرفه لسنا نوادعه ... فيما يجيء به ما حنّت الإبل

لا أقلع الدهر جهدي عن مساءتهم ... بالمخزيات وإن خفوا «٢» وإن جهلوا

ففرح أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بكتابه والمسلمون ورووا شعره، وراجعه يشكر له ذلك، ويعده بالنصر، وأمر حسّانا فراجعه بشعر يتوعّد فيه أهل الردة، ويشكر له ثباته أوله: [من الوافر]

أتانا ما يقول أخو سحيم ... فعزّت بالذي قال العيون

وآخره:

فنعم المرء صهبان بن شمر ... له في قومه حسب ودين»

فوائد لغوية في ثلاث مسائل:

الأولى: قوله: شاكّ مغتوم: في «الصحاح» (٥: ١٩٩٥) الغتمة: العجمة،


(١) الإصابة: مغبون.
(٢) م: غفوا.
(٣) ورد هذا البيت في الإصابة.

<<  <   >  >>