قال القاضي أبو بكر في «الأحكام»(٤: ١٦٣١) أيضا: ثم صارت تلك سنة فكان بنو العباس يجلسون لها وهي قصة دارسة، على أنها في أصل وضعها داخلة في القضاء. انتهى.
ومن أخبار المأمون عبد الله بن الرشيد هارون العباسي أنه كان يجلس للمظالم في يوم الأحد، فنهض ذات يوم من مجلس نظره فلقيته امرأة في ثياب رثّة فقالت:
يا خير منتصف يهدى له الرّشد ... ويا إماما به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد الملك أرملة ... عدا عليها فما تقوى به أسد
فابتزّ منها ضياعا بعد منعتها ... لمّا تفرّق عنها الأهل والولد
فأطرق المأمون يسيرا ثم رفع رأسه وقال:
من دون ما قلت عيل الصبر والجلد ... وأقرح القلب هذا الحزن والكمد
هذا أوان صلاة الظهر فانصرفي ... أحضري الخصم في اليوم الذي أعد
المجلس السبت إن يقض الجلوس لنا ... أنصفك منه وإلا المجلس الأحد
فانصرفت، وحضرت في يوم الأحد أول الناس فقال لها المأمون: من خصمك؟ فقالت القائم على رأسك، العباس بن أمير المؤمنين، فقال المأمون لقاضيه يحيى بن أكثم، وقيل بل قاله لوزيره أحمد بن أبي خالد: أجلسها معه وانظر ما بينهما، فأجلسها معه ونظر بينهما بحضرة المأمون، فجعل كلامها يعلو، فزجرها بعض حجّابه، فقال: دعها فإن الحقّ أنطقها، والباطل أخرسه، فأمر بردّ ضياعها عليها ... ذكر القصة الماوردي في «الأحكام»(٨٤) .
فائدة لغوية:
في المحكم» (٢: ١٥٥) الضّيعة: الأرض المغلّة، والجمع ضيع وضياع.